الخميس، 10 ديسمبر 2009

نمرض فنزوركم وتخطئون فنأتي إليكم لنعتذر

سُئل استاذنا الحاج سعد لاشين عن شعاره العملي الذي يبقيى آصرة الأخوة قوية بينه وبين إخوانه؛ فأجاب (نمرض فنزوركم، وتخطئون فنأتي إليكم لنعتذر).
وهي كليمات بسيطة في مبناها، عظيمة في معناها؛ حين تطبيقها، وإلا فأين نضع قول الخالق العظيم عن المؤمنين أنهم ﴿أَذِلَّةٍ عَلَى المُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ﴾ (المائدة من الآية 54)، وأين نضع صنيع أبي ذر، عندما وضع خده على التراب ليدوس عليه سيدنا بلال، عندما أصابته كلمة أبي ذر (يابن السوداء) إنه لا يصلح أمر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
- الذلة على المؤمنين منتهى الإنسانية:
(نمرض فنزوركم، وتخطئون فنأتي إليكم لنعتذر) شعار المؤمن الذي يحب نفسه، إنه يعيش بجسده في الدنيا، وروحه تسرح مع الملأ الأعلى، ذلكم المؤمن صاحب النفس التي عبَّر عنها الشهيد سيد قطب- رحمه الله- في أفراح الروح بقوله: (عندما نعيش لذواتنا فحسب، تبدو لنا الحياة قصيرة ضئيلة، تبدأ من حيث بدأنا نعي، وتنتهي بانتهاء عمرنا المحدود... أما عندما نعيش لغيرنا (أي عندما نعيش لفكرة)؛ فإن الحياة تبدو طويلة عميقة، تبدأ من حيث بدأت الإنسانية، وتمتد بعد مفارقتنا لوجه هذه الأرض!! إننا نربح أضعاف عمرنا الفردي في هذه الحالة"، ومن الركائز التي تحقق روح الحب والأخوة:

1- التوقير والتقدير:
وأخي.. إما أن يكون أصغر مني، أو أكبر أو، أسبق مني، أو أحدث؛ وفي كل حال فنحن نجيب النداء الجميل لرسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس منا من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا ويؤدي لعالمنا حقه..".

وهو توقير وتقدير خالص لوجه الله- عز وجل- نابغ من شعور كل منهما أنه عبادة لله- عز وجل- الذي ينادي في كتابه العزيز نداءً خالدًا ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا﴾ (آل عمران من الآية 103).

والتوقير لا يعني التجهم وعدم الابتسام، بل هو البعد عن روح المزاح المخل الذي يفسد جو الإخاء، بل المزاح الذي لا يخرج عن روح الوقار، والذي علمنا ذلك هو رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يمزح ولا يقول إلا حقًّا؛ فيجعل المؤمنين يتلاقون على العمل للإسلام لأعلى مؤانسة الطبع.

2- التعامل بالعاطفة الأخوية قبل اللوائح:
وما أجمل قول القائل تعليقًا على اللائحة أن هناك لائحة مكتوبة ولائحة غير مكتوبة، واللائحة غير المكتوبة هي لائحة الأخوة والحب في الله؛ لأن الأخوة من أركان العمل للإسلام، ونجد الإمام البنا- رحمه الله- يجعلها ركنًا من أركان البيعة العشرة.
ويصفها بأخوة الإيمان، وأعلاها مرتبة الإيثار، ﴿وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ (9)﴾ (الحشر)، وأوفى مراتبها سلامة الصدر.
وأخطر مرض يؤثر على العمل الإسلامي هو الفرقة، والخلاف خاصة، ونحن في وقت يتكالب فيه جميع أعداء الإسلام على المسلمين، ولا يجب أن يستغل الأخ عاطفة الأخوة ويقصر في واجباته، وإلا كانت فوضى تؤدي إلى صف هش.

خاصة أن الذي يجازي على العمل هو الله سبحانه ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (200)﴾ (آل عمران).

3- حسن الظن:
والأصل في العلاقة بين المؤمنين هو حسن الظن ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا﴾ (الحجرات: من الآية 12)، وحسن الظن يخلق جو الحب والتعاون، ويزيد الصف قوة والعمل إنجازًا ونجاحًا، وما أحسن ذلك الرد الذي قاله طلحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ حين سأل في تبوك ما فعل كعب بن مالك؟ فقال أحد الصحابة حبسه برداه، والنظر في عطفية يا رسول الله؛ فقال طلحة رضي الله عنه: بئس ما قلت، والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرًا، يقول كعب بن مالك بعدها فوالله ما أنساها لطلحة، تخيل أخي الحبيب صفًا يدين بعضه لبعض بحسن الظن ورد الغيبة والدعاء بظهر الغيب؛ كيف يكون حاله وما قدرة أعدائه عليه إنها صورة مشرفة (نمرض فنزوركم، وتخطئون فنأتي إليكم لنعتذر).

4- التزاور والتفقد:
لا يمكن لعقد الأخوة أن ينعقد في قلوب العاملين للإسلام ما دامت العلاقة بين الأفراد؛ هي علاقة موظفي الحكومة، أو علاقة الالتقاء على الأعمال الإدارية، دون التواصل والتفقد والتزاور في الله- عز وجل-؛ لأنه ما دام هناك أعمال ونقاش وحوار، لا بد من اختلاف في وجهات النظر، وهذا من مظاهر الصحة؛ ولكن هذا الاختلاف ينشأ بين نفوس بشرية قد تتعرض لحسن الظن أو إساءة الظن، وهذه من نزغات الشيطان العارضة التي لا يخلو منها أي تجمع، فيأتي التزاور والتواصل فيصف هذه النزغات، وينقي القلوب أولاً بأول من الشوائب، وإلا فأين نضع النداء العلوي الرائع للمولى- عز وجل- على عباده يوم القيامة "أين المتحابون فيَّ؟ أين المتزاورون فيَّ؟ أين المتباذلون فيَّ؟ اليوم أظلهم بظلي يوم لا ظل إلا ظلي".

وأين نضع حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يعرض لأصحابه العاملين لدين الله- عز وجل- صورة الرجل الذي أرسل الله على مدرجته ملكًا، يسأله أين تريد فيخبره أنه ذاهب لزيارة أخيه في الله لا لتجارة أو لنسب وما أخرجه إلا الله عز وجل؟ فيخبره الملك أن الله يحبه لحبه لأخيه.

أما أن نجد الأخوين لا يعرف أحدهما عن أخيه إلا أنه يحضر معه اللقاء "الفلاني"، وينصرف كل منهما إلى حال سبيله، فلا هو عرف أخبار أولاده ووالديه ومشاكله، وشاركه سراءه وضراءه، وخفف عنه، وتعارف أبناء كل منهما في زيارات متبادلة، (وتعارف كما ينبغي) ينشأ عنه المجتمع القدوة لبنة المجتمع الإسلامي الكبير الذي ننشده.

5- استواء العمل في المقدمة أو في أواخر الصفوف.
الأصل أن الذي يعمل في دعوة الله- عز وجل- هو جندي متعبد لله، يعلم فيها بيقظة في ظل مظلة الشورى والأخوة والطاعة المبصرة، والعمل في جماعة في أي موقع؛ هو عبادة، وبقدر إخلاص التوجه لله- عز وجل- بقدر الأجر والثواب (طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله، إن كان في المقدمة كان في المقدمة، وإن كان في الساقة كان في الساقة...).
ومن العلامات التي تميز المؤمن أن يفرح لكل ذي كفاءة، يظهر في الصف، ذكر الفيضل بن عياض رحمه الله أنه (يفرح بنمو أقرانه)، أما المنافق (يفرح بسماع عيوب أقرانه).

ومن حسن الفهم أن يعرف الأخ القائد أنه لن يظل قائدًا إلى الأبد، أو أن أخاه الجندي لا يصلح إلا للجندية إلى الأبد، بل يجب عليه أن يعد نفسه للقيادة إذا طُلب إليه ذلك، أو اضطر إليها.

6- هيا بنا نضحك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم:
حديث جميل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له أضحك الله سنك، ما الذي أضحكك يا رسول الله؟ قال:"رجلان من أمتي جثيا بين يدي الله- عز وجل- فقال أحدهما يا رب خذ لي مظلمتي من هذا؟ فقال الله- عز وجل-: رد على أخيك مظلمته فقال: يا رب لم يبق من حسناتي شيء، فقال الله- عز وجل-: لم يبق من حسنات أخيك شيء؛ فقال: يا رب فليحمل عني من أوزاري"، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: "ذلك يوم عظيم يحتاج الناس أن يحمل عنهم من أوزارهم؛ فنظر صاحب المظلمة: فرأى قصورًا من لؤلؤ مكللة بالياقوت والزبرجد؟
فدهش: وقال يا رب لمن هذه لأي نبي أو لأي شهيد؟ قال الله- عز وجل-: هذه لمن دفع الثمن قال: ومن يملك الثمن يا رب قال الله- عز وجل-: أنت بعفوك عن أخيك، قال: يا رب عفوت عنه، عفوت عنه، عفوت عنه، قال الله- عز وجل-: خذ بيد أخيك إلى الجنة" فضحك النبي صلى الله عليه وسلم، أي سعادة بهذا النهاية السعيدة لهذين الرجلين من أمته

هذا لرجلين متظالمين (ظالم ومظلوم)، بينهما مظلمة، فكيف برجلين بينهما دعوة وحركة لرفع راية الإسلام.. أخي الحبيب ليكن شعارنا (نمرض فنزوركم، وتخطئون فنأتي إليكم لنعتذر).

الأربعاء، 2 ديسمبر 2009

اغتنموا هذه الفرصة أيها الشباب

من فاته اغتنام الخير في رمضان هذه فرصة إلهيه لتجديد العهد مع الله وإدراك ما فات من أوقات نسائم العشر هلت فاغتنمها بالتوبة وكثرة الذكر والصيام والصدقة.
فضل صيام أيام العشر والتعبد فيها : عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام" يعني أيام العشر ، قالوا: يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : " ولا الجهاد في سبيل الله ، إلا رجل خــــرج بـنــفسـه ومــالــه , فـلـم يـرجـع مـن ذلك بـشـيء " رواه البخاري.لأنها أيام عظيمة وذات شأن عند الله أقسم الله تعالى بها , وهي أفضل الأيام على الإطلاق في سائر أيام السنة أمرنا بالاجتهاد في العبادة فيها , وكثرة ذكر الله تعالى فيها , وفيها يوم عرفة الذي لو صامه العبد كان سببا في تكفير ذنوب سنتين كاملتين .
هذه الأيام الفاضلة هي أيام العشر الأول من ذي الحجة : قال ابن العباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : 1- في أول يوم من ذي الحجة غفر الله فيه لأدم ومن صام هذا اليوم غفر الله له كل ذنب .
2- وفي اليوم الثاني استجاب الله لسيدنا يوسف ، ومن صام هذا اليوم كمن عبد الله سنة ولم يعص الله طرفة عين . 3- وفي اليوم الثالث استجاب الله دعاء زكريا ، من صام هذا اليوم استجاب الله لدعاه
4- وفي اليوم الرابع ولد سيدنا عيسى عليه السلام ، ومن صام هذا اليوم نفى الله عنه البأس والفقر وفي يوم القيامة يحشر مع السفرة الكرام .
5 - وفي اليوم الخامس ولد سيدنا موسى عليه السلام ، ومن صام هذا اليوم برء من النفاق وعذاب القبر .
6- وفي اليوم السادس فتح الله لسيدنا محمد بالخير ، ومن صامه ينظر الله إليه بالرحمة ولا يعذبه أبدا .
7- وفي اليوم السابع تغلق فيه أبواب جهنم ، ومن صامه أغلق الله له ثلاثون بابا من العسر وفتح الله ثلاثون بابا من الخير .
8- وفي اليوم الثامن المسمى بيوم التروية ، ومن صامه أعطى له من الأجر ما لا يعلمه إلا الله .
9- وفي اليوم التاسع وهو يوم عرفة من صامه يغفر الله له سنة من قبل وسنة من بعد
10- وفي اليوم العاشر يكون عيد الأضحى وفيه قربانا وذبح ذبيحة ففي أول قطرة من دماء الذبيحة يغفر الله ذنوبه وذنوب أولاده . ومن أطعم فيه مؤمنا وتصدق بصدقة بعثه الله يوم القيامة آمنا ويكون ميزانه أثقل من جبل احد .
صدقت يا رسول الله ....فلا تضيعوا هذه الأيام المباركة بدون التقرب لله بالعمل الصالح كالصوم والصلاة على وقتها والزكاة وصلة الرحم والكلمة الطيبة .