الاثنين، 23 مايو 2011

هيا إلى التفوق حسن شلبي


الأدعية القرآنية ووقت الفجر والنية

- التحكم في الانفعالات والخرائط الذهنية

- المراجعة وساعات النوم

- لا للوجبات الدسمة والمنبهات

- ليلة الامتحان.. مراجعة التعريفات والمصطلحات


تحقيق: إسلام عادل

"يوم الامتحان يكرم المرء أو يهان" كلمة تتردد في مثل هذا الوقت من العام؛ لوصف الحالة التي تمر بالطلاب، فبعضهم تنتابه حالة من القلق والإرهاق الشديد والتعب، وقد يلجأ بعض الأشخاص إلى أساليب غير صحية حتى يستطيع أن يقوم بتحصيل أكبر قدر ممكن من الكمّ المراد مذاكرته مثل القيام بتناول بعض العقاقير أو المنشطات غير الصحية، ولكلِّ طالب أسلوب ومنهج في الدراسة يختلف عن الآخر، ولكنهم جميعًا اتفقوا على ضرورة التحصيل والتفوق كل على حسب طريقته.



وللطالب الجامعي المتفوق وصفات خاصة للمذاكرة خلال فترة الامتحانات، وتنوعت تلك الطرق ما بين التقرب إلى الله، واتباع خطوات لتنظيم عملية التفكير، والتحكم في الانفعالات ومشاعر القلق والخوف، والابتعاد عن الوجبات الدسمة والمنبهات، والمراجعة بطريقة معينة، وتقليل ساعات النوم وغيرها.



(إخوان أون لاين) التقى بعض الطلاب المتفوقين من مختلف الجامعات، لتقديم "برشامة" للطالب الجامعي تعينه على مواصلة وإتمام فترة المذاكرة، والمراجعة النهائية قبيل الامتحانات بسهولة.. فإلى التفاصيل.



الأدعية القرآنية

يوضح حاتم علي "الطالب بكلية الطب جامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا" أنه يقرأ بعض الأدعية قبل بدء المذاكرة مثل: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي (25) وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي (26) وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي (28)﴾ (طه)، كما يقوم بالمذاكرة الجادة طوال العام من الكتب المعتمدة، ليأتي قبل وقت الامتحان ويقوم بالتدقيق على الموضوعات والنقاط الهامة داخل المنهج، مع الاستعانة ببعض الأغذية والمشروبات التي تمدُّ الجسم بالطاقة اللازمة للتركيز.



خرائط العقل

ويقول محمد زناري "الطالب بكلية الهندسة فرع المطرية" إنه خلال الفترة ما قبل الامتحانات يحاول التخفيف من المأكولات على قدر المستطاع، حتى يبقى أكبر وقت ممكن يقظًا ليستطيع مواصلة المذاكرة، موضحًا أنه يتبع خلال مذاكرته طريقة خرائط التدفق للعقل أو الخرائط الذهنية بحيث تكون الأفكار والموضوعات في تنظيم دماغي لتوفير الوقت والجهد.



ويشير زناري إلى أنه لا بد للطالب أن يكون على صلة وثيقة بالله "فمن عرف الله في الرخاء عرفه الله في الشدة"، مؤكدًا على ضرورة المداومة على حصة يومية من الآيات القرآنية، وبدء المذاكرة بالأدعية المأثورة، موضحًا أنه يميل لبدء المذاكرة عقب صلاة العشاء وحتى الفجر، ويقوم إلى الصلاة وبعدها يتجه إلى النوم.



لا للقلق.. وآية الكرسي

وتقول بسمة ياسر "الطالبة بكلية التجارة جامعة القاهرة" إنها تتعامل بطريقة عادية جدًّا في أوقات الامتحانات، وإنها لا تحاول ترويع نفسها أو إصابتها بالقلق، كما أكدت أنها تبدأ مذاكرتها بمجموعة من الأدعية والآيات خاصة "آية الكرسي" حتى تعينها على المداومة، مشيرة إلى أنها تقوم بمراجعة المنهج أكثر من مرة لتثبيت المعلومة.



وتنصح بسمة بضرورة البعد عن الحفظ والتركيز على الفهم؛ لأن ذلك يثبت المعلومة أكثر، وقالت إنها تلجأ أحيانًا لشرب المنبهات كالشاي و"النسكافيه" رغم علمها بخطورتها مع التركيز على المذاكرة بالنهار، بعد أخذ قسط وافر من النوم.



المراجعة النهائية

ويقول عمر حسنين "الطالب بكلية الطب جامعة عين شمس" إنه يبدأ المذاكرة قبل الامتحانات بما يقرب الشهر، ويقوم في هذه الفترة بمحاولة تحصيل 70% من محتوى المنهج، بمطالعة أولية للموضوعات المطلوب مذاكرتها بشكل عام، ثم التدقيق والتكرار ليقوم بمراجعة المنهج مرتين قبل الامتحانات بـ4 أيام يقوم بحيث إنه يقوم بمراجعة المنهج كله في أول 3 أيام، ثم يقوم بالتركيز على النقاط الهامة في اليوم الرابع.



ويتفق مع باقي الطلاب على ضرورة ترديد الآيات والأدعية قبل بدء المذاكرة، وقراءة صفحة أو أكثر من القرآن الكريم قبل كل فترة مذاكرة، وبعض الأدعية المأثورة، داعيًا باقي زملائه لضرورة تجنب الإفراط في الأكل وعدم التركيز على الأكلات الدسمة؛ لأنها تستهلك الكثير من الدماء؛ ما يجعلها تقل في منطقة المخ، ويصاب الإنسان بالإرهاق والرغبة في النوم.



كما ينصح أيضًا بالتركيز على الوجبات الخفيفة مع الإكثار من عددها، كذلك تناول مجموعة من الفيتامينات والمعادن الصحية التي تساعده على التركيز، بجانب الإكثار من المشروبات المنبهة التي قد تصل إلى 4 أكواب من القهوة يوميًّا.



وقت الفجر

ويضيف أحمد إبراهيم "الطالب بكلية التجارة جامعة حلوان" أن الوقت الأنسب للمذاكرة هو بعد صلاة الفجر مباشرة؛ نظرًا للبركة التي تكون في مثل هذا الوقت من اليوم، مؤكدًا أن الحد الأدنى من المذاكرة هو 7 ساعات يوميًّا ولا بد ألا تقل سعن ذلك مع السماح لبعض أوقات الراحة البينية، كما قال إنه لا يتناول أي مشروبات منبهة في هذه الفترة، مؤكدًا ضرورة الحصول على التغذية المناسبة حتى يحصل الجسم على الطاقة الكافية لمداومة الاستذكار.



ويوضح أنه يقوم بقراءة ربع كامل من القرآن الكريم قبل بدء المذاكرة وتلاوة "دعاء المذاكرة" لاستحضار روح من الأريحية للنفس قبل المذاكرة، ونصح أحمد جموع الطلاب بضرورة الخروج في رحلات ترفيهية بسيطة بعد كل امتحان؛ لإدخال السرور على القلب كوسيلة لمواصلة مراجعة المواد التي تليها في جدول الامتحانات براحة نفسية.



تجديد النية

ويقول الطالب محمد موسى "الطالب بكلية الطب جامعة عين شمس وأول دفعته" إنه لا بد وقبل أي عمل من تجديد النية لله سبحانه وتعالى؛ لأنها تعتبر الجزء الأساسي لنجاح أي عمل، وفيما يخص الأوقات اللازمة للمذاكرة قال إنه لا يوجد وقت معين للمذاكرة ولكن الوقت المناسب هو ذلك الذي يكون فيه الطالب في أريحية تامة بحيث يكون قد حصل على القسط الوافر من النوم ويكون قد تناول التغذية المناسبة لجلب الطاقة اللازمة، موضحًا أنه يفضل وقت المذاكرة بعد صلاة الفجر مباشرة.



الترفيه.. والإنترنت

وشدد موسى على ضرورة وجود أوقات ترفيهية بين أوقات المذاكرة، مشددًا على ضرورة الابتعاد عن شبكة الإنترنت وخاصة المواقع الاجتماعية؛ نظرًا لأنها تجذب الطالب وتقوم بتضييع واستهلاك الوقت والجهد ولكن يكتفي بالرياضات الخفيفة كالتمرينات وغيرها.



ونصح الطلاب بالقيام بوضع جدول شامل لتنظيم اليوم بأكمله من بداية النهار وحتى منتصف الليل؛ لضمان عدم ضياع أي دقيقة، كما شدد على أهمية وجود جدول داخلي يقوم بتنظيم المذاكرة نفسها، منبهًا إلى ضرورة وضع مدة زمنية لكلِّ صفحة تتم مذاكرتها ولتكن 5 دقائق للصفحة.



الاختصارات.. والوجبات

وأوضح موسى أن هناك طرقًا كثيرةً للتغلب على صعوبة الحفظ مثل طريقة "الاختصارات" والتي تقوم على أن يقوم الطالب بحفظ أول كلمة من كلِّ جملة حتى تساعده على تذكرها مرة أخرى، مشددًا على أهمية الابتعاد عن المشربات المنبهة، خاصة القهوة، ولتكن هي آخر خيار يتبناه الطالب عند المذاكرة مع تناوله العديد من الوجبات الخفيفة والابتعاد عن الدسمة؛ لأنها تسبب الشعور بالنعاس، ولا مانع أن يتناول القهوة بعد إتمام المذاكرة حسب الجدول الموضوع عن ذي قبل.



الساعات الأخيرة.. والنوم


د. نصر رضوان



ويقول الدكتور "نصر رضوان" الأستاذ بكلية العلوم جامعة القاهرة: إن الساعة الآن تقترب من ساعة الصفر، وعلى الطالب تكثيف جهوده من أجل المراجعة وليس التحصيل، كما أفرد عدة نصائح للطلاب منها: أن يقوموا بالمراجعة بقلوب مطمئنة قاصدين بذلك القرب من الله تعالى في هذه الأوقات، كما أكد أنه لا بد للطالب من الحفاظ على نظام ثابت في النوم والاستيقاظ، مطالبًا بتقليل ساعات النوم ولتكن 4 ساعات يوميًّا، وأن هذا ليس بالأمر الشاق إذا اعتاد عليه الطالب.



الأحماض الأمينية

ويضيف رضوان أن الطالب لا بد له من اتباع نظام غذائي يساعده على الاستذكار والاستيعاب، مشددًا على ضرورة البعد عن الوجبات الدسمة والتركيز على الخفيفة؛ نظرًا لأنها تستهلك الكثير من الدماء داخل الجهاز الهضمي، وهو ما يجعل تدفق الدم إلى المخ يقل، مع ضرورة التأكيد على المأكولات ذات الأحماض الأمينية: مثل الأجبان وغيرها؛ لأنها تساعد الطالب على الاستيعاب، كما نصح بضرورة الإكثار من السوائل خاصة العصائر ذات السكريات العالية.



أما فيما يخص الشق الأكاديمي فأشار رضوان إلى أنه في ليالي المراجعة لا بد من التأكيد على مراجعة العناوين والتعريفات والمصطلحات فقط، وألا يضيع الطالب وقته في الاستذكار والتحصيل من جديد.

الأحد، 15 مايو 2011

التنمية في القرآن والسنة :


إن إسلام وضع للتنمية حسابا خاصا فجعلها في حكم الواجب وذلك من تفسير الآية ” هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَ“ هود:61) . فالسين والتاء تفيد الطلب المطلق من الله للناس في سبيل الوجوب لإعمار الأرض فالآية تؤكد على وجوب عمارة الأرض ؛ واستعمركم فيها يعني أمركم بعمارتها بما تحتاجون إليه . كما قال الجصاص أن ذلك فيه الدلالة على وجوب عمارة الأرض للزراعة والغرس والأبنية "( )0 والطلب المطلق من الله تعالى يكون على الوجوب"( ). فاستعمركم فيها أي جعلكم عمارها وسكانها .
قال مجاهد : ومعنى استعمركم أعمركم من قوله أعمر فلانا داره فهي له عمري . وقال قتادة : أسكنكم فيها . وقال الضحاك : أمركم بعمارة ما تحتاجون إليه فيها من بناء مساكن وغرس أشجار , وقيل المعنى : ألهمكم عمارتها من الحرث والغرس وحفر الأنهار . وقال ابن العربي : قال بعض علماء الشافعية : الاستعمار طلب العمارة ، والطلب المطلق من الله تعالى على الوجوب . فقوله تعالى استعمركم فيها، خلقكم لعمارتها .( )
وقال الشوكانى فى فتح القدير : هو أنشأكم من الأرض أي ابتدأ خلقكم من الأرض لأن كل بني آدم من صلب آدم وهو مخلوق من الأرض ، واستعمركم فيها أي جعلكم عمارها وسكانها .( )
ويقول الزمخشري في الكشاف هو أنشأكم من الأرض : لم ينشئكم منها إلا هو ولم يستعمركم فيها غيره ، وإنشاؤهم منها خلق آدم من التراب ، واستعمركم فيها أمركم بالعمارة ، والعمارة متنوعة إلى واجب وندب ومباح ومكروه , وكان ملوك فارس قد أكثروا من حفر الأنهار وغرس الأشجار وعمروا الأعمار الطوال مع ما كان فيهم من عسف الرعايا فسأل نبي من أنبياء زمانهم ربه عن سبب تعميرهم فأوحى إليه إنهم عمروا بلادي فعاش فيها عبادي ( ).
ولقد استخدم على بن أبى طالب لفظ العمارة للدلالة على معنى أعمق للتنمية الاقتصادية بمفهومها المعاصر في خطابه لواليه في مصر مالك بن الحارث الأشتر : جاء فيه : " وليكن نظرك في عمارة الأرض أبلغ من نظرك في استجلاب خراجها ، لان ذلك لا يدرك إلا بالعمارة . ومن طلب الخراج بغير عمارة أخرب البلاد وأهلك العباد ، ولم يستقم أمره إلا قليلاً ، " ( ).
كذلك استخدم قاضي القضاة " أبي يوسف " لفظ العمارة في نصيحته لأمير المؤمنين هارون الرشيد جاء فيها : " إن العدل وإنصاف المظلوم ، وتجنب الظلم مع ما في ذلك من الأمر ، يزيد به الخراج ، وتكثر به عمارة البلاد " . وكذلك فأن "أبو يوسف" في كتابه (الخراج) جعل الإعمار والتنمية في مقابل الخراب , والفساد ونادي بدور متقدم للدولة في العمران . كما دعا إلى تقاسم تكاليف (النمو) بين الفرد والدولة من أجل تخفيف كاهل التنمية ، وسحب المواطن عن الكسل والإتكال ، والدفع به للمساهمة في دور عمراني مع بقية أفراد المجتمع .( )
ويرى " الماوردي " : أن من مستلزمات السلطان عمارة البلدان باعتماد مصالحها وتهذيب سبلها ومسالكها . غير أنه يلزمها بالعدل ، حيث ينعدم نجاح المشروع الإنمائي إذا لم يصطبغ بالعدل الشامل الذي يعمر البلاد وينمي الأموال ( ).
ويقول المقريزى : " عندما يتقلص العدل مع هيمنة الفساد والحبور والاغتصاب في كل مواطن الحكم والإدارة يتوقف الإعمار وتحدث الأزمات ويحل البوار بالديار "( ) .
ويقوم مفهوم عمارة الأرض في الإسلام على شرط الخلافة في الأرض , وتبعية الاستخلاف تعني تسخير الموارد الطبيعية (الأرض ) للإنسان ليعمل على إنتاج السلع والخدمات لخدمة الخلق المستخلفين . وتمكين الإنسان من هذه السلع والخدمات ، تمكين استعمال أو ملكية انتفاع ، وعمارة الأرض لا تقوم إلا بالعمل لان العمل هو شرط الملكية . وكل عمل ابن آدم محاسب عليه.
والإنسان في الإسلام محور العملية التنموية فجعله قيمة حقيقية عندما استخلفه في الأرض بما لديه من قدرات ذهنية وجسدية، قال تعالى: ” وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً” (البقرة:30)، لذلك فإن على الإنسان أن يغير وينمي ولا يتنظر المفاجآت الكونية والنمو الطبيعي ،قال تعالى: ” إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ” (الأنفال:52)، لذا فإن على الإنسان العمل بجد لعمارة الأرض .
كما ارتبطت التنمية في الإسلام بالقيم والأخلاق الحميدة من مساواة وعدل وعدم الإسراف وقوله تعالى " يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ " (الحجرات:31)
وقد حث الإسلام على السعي من اجل التنمية ،قال تعالى:” وان ليس للإنسان إلا ماسعى“ ودعا الإسلام للعمل من أجل التنمية والعمارة ، قال تعالى:” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ” ( الملك:15)، وقد ظهر ذلك من قصة الرسول مع صاحب اليد الخشنة عندما سلم الرسول صلى الله عليه وسلم على رجل فلمس يده خشنة فقال له الرسول " إن هذه اليد التي يحبها الله إن هذه اليد لن تمسها النار"0
وقد ركز الإسلام في تعاليمه على التنمية و العطاء من أجل تحقيق التنمية و إعمار الأرض، وذلك من خلال العمل الجاد بدلاً من انتظار الإحسان، و يتبين ذلك من خلال العديد من الآيات القرآنية و الأحاديث النبوية ومن بينها: ما رواه البخاري عن الزبير بن العوام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لأن يأخذ أحدكم حبله، فيأتي بحزمة الحطب على ظهره، فيبيعها فيكف الله بها وجهه، خير من أن يسأل الناس، أعطوه أو منعوه". و قول الله تعالى" و أن ليس للإنسان إلا ما سعى".
و قد قال عمر بن الخطاب " السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة." فيحث الإسلام على العمل الجاد و يعتبره عبادة فهو جزء لا يتجزء من الدين، فكل مسلم مطالب بأن يعمل، لتنمية المجتمع المسلم والارتقاء والعلو بشأنه 0
كما تعد الزكاة أحد الوسائل التي من خلالها يتم تحقيق التنمية في الإسلام، ففي العصور الإسلامية الماضية كانت تجمع الزكاة في بيت المال وتوزع بالعدل و لم تكتفي بسد الاحتياجات الأساسية للفقراء بل كانت تستخدم لتوفير وسائل العمل و كسب الرزق، فدور الزكاة لا يقتصر على توزيع الأموال على الفقراء، بل كانت تستخدم لإنشاء مشروعات للفقراء، و بهذا تعد الزكاة وسيلة هامة لخلق فرص عمل، و لكننا نجد الآن أن الزكاة و غيرها من أشكال العطاء الديني , و العطاء الاجتماعي توجه فقط لسد الاحتياجات الأساسية , ولا تهتم بتحقيق التنمية مما أدي إلى استمرار حالات الفقر, و العديد من المشاكل الاقتصادية0
ولقد حدد الله رسالة الإنسان في الأرض بقوله تعالى: " هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا" (هود:61) ويتم الإعمار المطلوب بالتنمية المتواصلة و السعي الدءوب في الأرض . ( (و قد أصبح هذا السعي من أهم أولويات هذا العصر و خاصة أن مشكلات التنمية الاقتصادية و الاجتماعية تعتبر من أهم المشكلات التي تواجه المجتمعات المعاصرة.
و قد جاء الإسلام ليحارب السلوك السيئ مثل الكسل و الاتكالية و عدم السعي الذي ينتج عنه التخلف, و الفقر لبناء كيان اقتصادي , و اجتماعي , و استقلال سياسي يتجاوز الواقع المتخلف ( ) 0
حاول بعض الكتاب استنباط مفهوم للتنمية في الإسلام، استنادًا إلى نصوص أو معان قرآنية :
فقيل إن التنمية هي طلب عمارة الأرض، وذلك من قوله تعالى { هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا } ( هود الآية 61 )
وقيل إن التنـمية تعــني «الحياة الطيبة»، إشارة إلى معنى الآية الكريمة { مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } [النحل:97].
وقيل هي نقل المجتمع من الوضع الذي لا يرضاه الله، إلى الوضع الذي يرضاه0
والتنمية بالمعنى المعاصر يقصد بها زيادة الموارد عن طريق كثرة الإنتاج و تقليل النفقات , و يستخدم هذا المصطلح كثيرا في الدراسات الاقتصادية كما يستخدم بصورة أكثر تحديداً عن طريق ربطها بالمجالات المختلفة كمصطلح التنمية الاقتصادية و الاجتماعية, و السياسية و الزراعية ( )
و التنمية يجب أن تكون تنمية متواصلة و مستمرة يستفاد منها الأجيال المقبلة ( ) و هي عملية حضارية تمثل نقله جذرية في الشكل و المضمون على المجتمع ككل, و ليست فئة معينة به, و هذه العملية الحضارية تمتد إلى كل المجالات مثل الاقتصاد , و السياسة, و الإدارة و الثقافة. ( )
ونظرً لأهمية التنمية، والسعي الحثيث لتحقيقها في واقع المجتمعات الإنسانيّة، ولاسيما المتخلفة منها، فإنّ «مفهوم التنمية أصبح عنواناً للكثير من السياسات والخطط والأعمال، على مختلف الأصعدة، كما أصبح هذا المصطلح مثقلاً بالكثير من المعاني والتعميمات، وإنْ كان يقتصر في غالب الأحيان على الجانب الاقتصادي، ويرتبط إلى حدّ بعيد بالعمل على زيادة الإنتاج الذي يؤدي بدوره إلى زيادة الاستهلاك، لدرجة أصبحت معها حضارات الأمم تقاس بمستوى دخل الفرد، ومدى استهلاكه السنوي للمواد الغذائية والسكنية بعيداً عن تنمية خصائصه ومزاياه وإسهاماته الإنسانيّة، وإعداده لأداء الدور المنوط به في الحياة، وتحقيق الأهداف التي خلق من أجلها»( ).
ونجد أنّ هذه النظرة المادية لعملية التنمية قد استقرت في عقول معظم شعوب العالم الإسلامي، وسيطرت على تفكيرهم، نتيجة الهيمنة الغربية، وسيطرة ثقافتها لذا وجب علينا أن نعرف وندرك ما هي التنمية في الإسلام ونحدد مفاهيمها .
ونجد أنّ مفهوم التنمية ليس بثابت ولا بمتفق عليه، بل كلٌ يتناوله من الزاوية التي هي محل اهتمامه، بحيث يقصر نظره في العملية التنموية من خلال اختصاصه.
وهذا ما يدعونا إلى محاولة تقديم مفهوم للتنمية يتماشى مع المنظور الإسلامي للكون والحياة والإنسان، وذلك بالاعتماد على المصادر الأساس لشريعة الإسلام.

التنمية من منظور إسلامي :

- التنمية في الإسلام:
من تعريف التنمية بالمفهوم السائد يكشف عن استناد هذا التعريف إلى الرؤية الكونية المادّية وانتهائه إلى هذه المرجعية. على أساس هذه الرؤية الكونية والمرجعية الفكرية لا يمكن للتنمية تجاوز دائرة الواقع المادّي مهما كان حجم الأشخاص الذين يُضاف إليها.
بيد أنّ الأمر يختلف في إطار المرجعية الفكرية للإسلام؛ ففي إطار الرؤية الكونية الإسلامية يُنظر إلى الإنسان كموجود يتكوّن من جسم وروح، له بالإضافة إلى الاحتياجات المادّية متطلّبات معنوية، ومن ثمّ فإنّ حياته لا تنحصر بين جدران الحياة في هذه الدنيا، وإنّما هو موجود أبدي تختلف مراحل حياته.
والإسلام في نفسه هو منهج للتنمية والتكامل، وبرنامج لتأمين الاحتياجات المادّية والمعنوية، ومشروع لإشباع البعدين الدنيوي والأخروي للإنسان، بحيث تستطيع الإنسانية من خلال ذلك أن ترتقي إلى مصافّ المجتمع الإنساني‏السعيد والمثالي0
ولقد سبق الإسلام كل فكر متقدم في معالجة قضايا التنمية، وان لم يكن مصطلح التنمية موجود بلفظه ألا أن القرآن الكريم لم يستخدم مصطلح النمو أو التنمية ، ولكن في كثير من نصوصه القرآنية والسنة النبوية وكتابات علمائه، يوجد العديد من المصطلحات التي تدل على النمو أو التنمية والتي منها : "التعمير و العمارة و الحياة الطيبة و التثمير والابتغاء من فضل الله ، والسعي في الأرض ، وإصلاح وإحياء الأرض وعدم فسادها ، والحياة الطيبة ، والتمكين . ويعتبر مصطلح العمارة ، والتعمير من أصدق المصطلحات تعبيراً عن التنمية الاقتصادية في الإسلام ( ) .
فمصطلح التنمية يقترب من مصطلح العمران في الاقتصاد الإسلامي فلقد جاء في الإسلام لفظ "عمارة الأرض" كمفهوم ذو دلالة أوسع من المفهوم الوضعي للتنمية التي تنحصر في الإنتاج المادي وتغفل الحاجات الروحية, ويختل فيها التوزيع ، ولا يتمتع كل الأفراد بحد الكفاية في الدخل ( ).
فالعمران يعني :" العمل بشرع الله لتحقيق الكفاية والكفاءة للجميع للوصول إلى نمو مستمر للطيبات وذلك بالاستخدام الأمثل لكل ما سخر الله من موارد 0
إن النظرة الإسلامية للتنمية (العمران) هي نظرة شاملة تتضمن جميع نواحي الحياة المادية والروحية والخلقية وركز على بناء الإنسان كمحور للعملية التنموية ، فالإنسان محورها وهدفها بوصفه الكائن الوحيد في هذا الكون القادر على إحداث تغيير وتطوير، والقيام بعملية تنموية لما في الكون، وذلك بما اختصه به الله سبحانه وتعالى عن بقية الكائنات ، فالإسلام حارب السلوك السيئ مثل الكسل والإتكالية وعدم السعي الذي ينتج عنه التخلف والفقر وهما معيقا لأي عملية تنموية وعمرانية .
فالإسلام حرص على تنمية الإنسان وموارده ليعيش حياة طيبة هانئة مليئة بالإنجاز لينال ثمرة عمله الصالح في الدنيا والآخرة.
فالتنمية في الإسلام هي تنمية شاملة للإنسان والذي يؤدي وظيفته في القيام بأعباء الاستخلاف في الأرض وإعمارها ، لكونه خليفة الله على الأرض وأن الكون سخر له من أجل إعماره أو تنميته وهي أمر واجب على كل مسلم فهي جانب من جوانب العبادة , والتنمية الاقتصادية هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والفرد .
أن الإسلام لا يؤيد" التنمية الرأسمالية التي تضمن حرية الرأي ولا تضمن قوت اليوم" ،و لا يؤيد" التنمية الاشتراكية التي تضمن قوت اليوم ولا تضمن حرية الرأي" .
والإسلام لا يؤيد "التنمية العلمانية التي تتحلل من القيم المسبقة من اجل التعامل البرجماتي النفعي مع الحاجات البشرية ".
فالتنمية في الإسلام تسعى للوصول إلى القضاء على الأسباب التي تؤدي إلى حدوث المشكلة الاقتصادية والاجتماعية ، كما وتسعى إلى تنمية المجتمع للنواحي غير المادية من حيث السمو بالأفراد وإعلاء الروابط الإنسانية والتي تحقق بعدها نموا مادياً ( )

السياسية الاقتصادية الإسلامية :

ومن السياسات الاقتصادية التي تتبعها الدولة لمواجهة مشكلة الفقر استخدام القطاع العام في المجال الزراعي في توفير أنشطة اقتصادية وفي توفير فرص عمل للفقراء , فالإسلام يوظف تخصيص الموارد الاقتصادية لمواجهة مشكلة الفقر والقضاء عليها
إن السياسة الاقتصادية التي واجه بها الإسلام الفقر الموروث، وذلك باستبقاء موارد اقتصادية في يد الدولة للأجيال القادمة، ليس لها نظير في السياسات الاقتصادية التي هي من وضع الإنسان، وبهذا يتفوق الإسلام تفوقًا لا يملك أحد إنكاره. هذه السياسة الاقتصادية الإسلامية لا تمثل أي عبء على الأغنياء، وبهذا يمول القضاء على الفقر بعيداً عن الأغنياء وبأسلوب متميز، وهذا يوجب الاهتمام بهذه السياسة.
هذه السياسية الاقتصادية الإسلامية تضع الدولة أمام مسؤوليتها الحقيقية عن الفقر.. فهي مسؤولة، وفي يدها الموارد التي تتصدى بها لهذه المســؤولية، وبهذا تسقط ادعاءات العولمة المعاصرة عن عدم مسؤولية الدولة عن الفقر.
والعالم الإسلامي على وجه الخصوص، في أشد الحاجة إلى هذه السياسة الاقتصادية، وذلك لمواجهة ما يحدث فيه الآن من تمكين فئة محدودة العدد لتضع يدها على الموارد الاقتصادية التي يملكها المجتمع، مع أن هذا ليس حقًا لها، وهي غير قادرة أن تشغلها كلها0
إعطاء الفرص لدمج الفقراء في سوق العمل حيث أن تعامل قطاع الأعمال تجارياً مع الفقراء يسهم في دمجهم في السوق، وهي خطوة أساسية على طريق التخلص من الفقر، وبالنسبة لأصحاب الأعمال والشركات، فهي تحفز الفكر ألابتكاري وتبني الأسواق وتخلق مجالات جديدة للنمو.