السبت، 22 نوفمبر 2008

الحج دروس وعبر 000 تكريم المرأة المؤمنة

من دروس الحج :تكريم المرأة المؤمنة
قيم الزوجية والأمومة في شخصية أمنا هاجر عليها السلام
(1) زوجة تتميز بالحب والصبر: زوجة تحب زوجها وتطيع ربها:
فحينما تركها زوجها بمكة ووضع عندها جورباً فيه تمر وسقاء فيه ماء، وهمَّ بالانصراف قامت إليه وتعلقت بثيابه... نعم تعلقت بثيابه فهي نعم الزوجة الحريصة على العيش في كنف زوجها وقالت له: ( أين تذهب وتدعنا هاهنا... وليس معنا ما يكفينا... وألحت عليه فلما رأت في عينيه أنه مأمور بذلك وليس تفريطاً منه في حق أسرته قالت: آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قالت: إذن لا يضيعنا.
وفي رواية: قالت له إلى من تتركنا؟ قال إلى الله فقالت قد رضيت ثم رجعت.
نعم تحب المقام في كنف زوجها، ولكنها على استعداد للتضحية من أجل القيام على أمر الله ونصرة دعوة الله، فهي مدرسة تعلم كل الزوجات الصبر على غياب أزواجهن ابتغاء وجه الله فأمنا هاجر صبرت سنوات طويلة على غياب زوجها الحبيب منذ أن كان ابنها رضيعاً إلى أن شب، وأصبح يافعاً وبلغ السعي أي حوالي خمسة عشرة عاماً فهي رسالة عظيمة إلى كل زوجة كريمة غاب عنها زوجها: سواء للدعوة والجهاد في سبيل الله أو غيبته في سجون الأسر أو الاعتقال أو لقي ربه شهيداً في سبيل الله، تقول له وهي التي تعلمت من أمها هاجر عليها السلام: اذهب فلن يضيعنا الله. (2) أم تتميز بالرعاية والفداء: أم تقوم على رعاية ولدها وفي نفس الوقت على استعداد للتضحية به في سبيل الله. - فالسعي بين الصفا والمروة رمز عظيم لرعاية الطفولة فأمنا هاجر بعد أن انتهى طعامها وانقطع لبنها ورأت ابنها الحبيب يتشحط فزعت لرعايته، وظلت تسعى مئات الأمتار بين جبلي الصفا والمروة بحثاً عن ماء وطلباً لرعاية فلذة كبدها.
هي كذلك الأم العظيمة التي امتثلت لأمر الله بذبح ولدها وقرة عينها، وحينما عرض لها إبليس اللعين يضعف قلبها ويضرب على أوتار عاطفة الأمومة القوية الحريصة أعظم الحرص على ولدها ولكنها ترجمه بالحصوات وتقف بجوار زوجها تؤازره لتنفيذ أمر الله تعالى، إنها مدرسة الفداء بالأبناء التي علمت أمهاتنا الفضليات في فلسطين صناعة المجد عبر العمليات الاستشهادية وتقديم الأبناء في سبيل الله.
قيم البنوة في شخصية سيدنا إسماعيل عليه السلام
(1) ابن مشارك لأبيه في البناء وصناعة الحياة: (المعاونة الكاملة والمشاركة في بناء الكعبة المشرفة).
(2) ابن مطيع لأوامر ربه بار بوالديه فدائي لنصرة قضيته: لديه استعداد للتضحية والفداء بنفسه في سبيل الله فحينما أخبره أبوه بأمر الذبح لم يتردد ولم يحجم: (قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ) فهو قائد الفدائيين ومعلم الاستشهاديين ورمز للبطولة والإقدام نحو مناصرة الأمة مهما كان الثمن... فما أجمل أن نربي أبناءنا على قيم الطاعة للوالدين من خلال سيدنا إسماعيل وما أجمل أن نربي أبناءنا ونعمق فيهم قيمة التضحية والفدائية كل عام من خلال شخصية سيدنا إسماعيل وما أسهل ذلك وما أجمله أثناء بهجة العيد والفرحة به.
(3) ابن مبدع مبتكر: فكان إسماعيل أول من روض الخيل وهذبها واستعملها لخدمة الإنسان في شئون الحياة، وكان ذا خبرة بالرماية وبَرْي النبال والقدرة على الجهاد والانطلاق بأمر الله.
(4) ابن مبارك بسبب نشأته في كنف أسرة مطيعة لله: والدليل على ذلك ماء زمزم الذي تفجر من تحت قدميه وبقي نفعاً للبشرية حتى تقوم الساعة فهو يعلمنا جميعاً أن البركة في تنشئة الأبناء على طاعة الله تبارك وتعالى.
السعي بين الصفا والمروة احتفالية رائعة لرعاية الطفولة: السعي بين الصفا والمروة هذه المسافة الطويلة عبر سبعة أشواط من أم عظيمة تسعى لرعاية طفلها ثم تخليد هذا الفعل من هذه المرأة العظيمة، وجعله ركناً من أركان الحج الذي هو أحد الأركان الخمسة للإسلام، وأمر الحجاج أن يحاكوا فعل هذه الأم ويقطعوا هذه المسافات لهو تربية عملية وتدريب رائع على أهمية رعاية الطفولة لكل من يريد أن يستكمل أركان الإسلام، وكذلك رمزية عظيمة لكل باحث ومهتم برعاية الطفولة.
الأضحية احتفالية سنوية لفداء الأبناء: الأضحية رمزية عظيمة لقيمة الأبناء وقدرهم في نفوس الأسرة التي توفر المال وتشتري الأضحية فداءً للأبناء كل عام والذين كانوا طبقاً لما أمر به إبراهيم في أول الأمر سيُذبح واحدٌ منهم كل عام، ولكن جاء الفداء من السماء بعد الطاعة والتسليم (وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ) ما أجمل أن نقول لأبنائنا إننا نحبكم ونحرص كل الحرص عليكم ونفديكم كل عام بهذه الأضحية التي نشتريها من أجلكم امتثالاً لأمر الله تعالى فيزيد حبهم لنا ولشعائر الدين العظيمة ويحسون بقيمتهم وقدرهم فيشاركوننا في حمل الرسالة وأداء الأمانة.

الاثنين، 19 مايو 2008

نصائح للطالب أيام الامتحانات

ابني الطالب.. ابنتي الطالبة ها نحن على أبواب الامتحانات.. نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق والسداد لجميع أبنائنا. هذه الفترة من الامتحانات تستدعي أن يكون الطالب هادئ النفس، مطمئن القلب، وهذا لا يكون إلا بحسن التوكل على الله، ثم الأخذ بالأسباب بأقصى ما يمكن حتى يرزقه الله التفوق.
قد يشكو البعض من الخوف من الامتحانات؛ فهذا الخوف أمر طبيعي، وهو إحساس يسري في نفس كل طالب، حتى الطالب المتفوق، وهذا الخوف الطبيعي من الأسباب التي تدفع الطالب إلى حسن الاستذكار. أما مَن كان هذا الخوف زائدًا عنده فنخفِّف هذا الإحساس بالتدريب على الإجابة على نماذج امتحانات السنوات السابقة، وأن يستعرض المادة من وقتٍ لآخر؛ حتى لا ينساها، سواءٌ من الكتاب أو من الملخصات، وأن يستوثق من العناصر المهمَّة في الموضوع، وأن يُلمَّ بالقوانين والنظريات؛ فهذا يخفِّف من الشعور بالخوف. التفوق :على الطالب أن يجعل هدفه هو التفوق وليس النجاح فقط، وهذا التفوق ليس بالأمر السهل، ولكن ببذل الكثير من الجهد.
معادلة التفوق :
طموح بعيد + تركيز شديد + جهد جهيد + عزم أكيد + وقت رشيد + استقامة لا تحيد = التفوق.
ابني الحبيب..ابنتي الحبيبة :
- اجعل هذا التفوق لله وليس لمغنم في الدنيا؛ حتى يكون في ميزان حسناتك عند الله يوم القيامة؛ لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "من كانت الدنيا همّه فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كُتب له، ومن كانت الآخرة نيته جمع الله عليه أمره، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا وهي راغمة".
- حافظ على أذكار الصباح والمساء حتى ينشرح صدرك.
- استعن بالله وادعُه؛ عسى أن يوفقك.
- حافظ على رضا الوالدين؛ عسى أن تحظى بدعائهما.
- تناول الطعام المتوازن، خاصةً ما به من فيتامينات.
- احظر الخطأ الشائع بتناول الشاي والقهوة لزيادة التركيز وجرِّب المشروبات مثل الكركديه أو القرفة والينسون واللبن بالسحلب والعصائر؛ لما لهم من فوائد نفسية وصحية.
- ابتعد تمامًا من الأدوية المنشطة التي يلجأ إليها بعض الطلبة أملاً في السهر؛ فإنها تؤثِّر على الجهاز العصبي وتؤدي إلى نتيجة عكسية؛ فإنها بعد فترة تصيبه بتوتر شديد فلا يستطيع استيعاب معلومة.
ليلة الامتحان:
- لا تشغل نفسك بمذاكرة المادة كلها، ولكن يكفيك العناوين الكبيرة والصغيرة طالما ذاكرتها قبل ذلك؛ حتى يسعَك الوقت.
- لا تسهر بعد الساعة 12م حتى لا تصاب بالصداع وعدم التركيز أثناء الامتحان.
- اغتسل بماء دافئ قبل النوم حتى تتعمَّق في النوم وصلِّ ركعتين حاجة لله قبل النوم.
يوم الامتحان:
- استيقظ مبكِّرًا، ويمكن الاغتسال أيضًا لتجديد النشاط.
- يمكن استرجاع الأفكار الرئيسية والجزئية للمادة فله فائدة في استرجاع المعلومات.
- افطر فطارًا خفيفًا مع كوب لبن.
- صلِّ ركعتين قبل الخروج للامتحان، ادعُ الله فيهما بالتوفيق.
- أحسن الظن بالله وتوكَّل عليه، وتذكَّر أن الله لا يضيع أجر من أحسن عملاً.
- اطلب من والديك الدعاء.
- إذا شعرت بأنه لم يبقَ في ذهنك معلومة واحدة وأنك قد نسيت كل شيء، فهذا شعور طبيعي؛ فلا تجعل الخوف يتمكن منك؛ فهذا شيء مستحيل وإحساس وهمي؛ لأن المعلومات مختزنة في الرأس وسيتم استدعاؤها في أية لحظة، وأن الجسم يفرز هرمونات خاصة وظيفتها زيادة التركيز عند أداء الامتحان.
- عند جلوسك على الكرسي سمِّ الله وقل: "يا حي يا قيوم برحمتك أستغيث".
- عند تسلُّم الورقة ألقِ نظرةً عليها كلها، وقسِّم الزمن على الأسئلة، مع ترك وقتٍ للمراجعة، واحترم هذا التوزيع.
- نسِّق ورقة الإجابة، واجعل إجابة كلَّ سؤال في بداية الورقة.
- من الممكن أن تبدأ الإجابة بأسهل سؤال لترتاح نفسيًّا.
- خذ نفسًا طويلاً بين الحين والآخر لاستدعاء المعلومات.
- إذا صَعُب عليك شيء أثناء الامتحان قل: "لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين"، "اللهم رحمتك أرجو، فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين، وأصلح لي شأني كله".
- إذا نسيت شيئًا فقل: "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا"، "اللهم رادَّ الضالَّة وهادي الضالَّة.. اردد عليّ ضالتي بقدرتك وسلطانك؛ فإنها من عطائك و من فضلك".
- إذا شعرت بقلق أثناء الامتحان قل: "ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".
- عند الانتهاء من الامتحان راجع الورقة كلها وقل: "الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.. سبحانك رب العزة عمَّا يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين"- إياك والغش، سواءٌ أكنت فيه مفيدًا أم مستفيدًا؛ فإنه من سمات الفاشلين، وإن الرسولَ نبَّه إليه فقال: "من غشَّنا فليس منا".
- بعد الانتهاء من أداء الامتحان لا تشغل نفسك بصحة الإجابة، ولكن احمد الله على تسديده إياك، واحمده على كل حال، واجعل هدفك هو الاستعداد لامتحان المادة التالية.
- وخذ فترة راحة أو استرخاء لتستعد بعدها للمادة التي بصددها الامتحان.
- بعد الانتهاء من الامتحانات ادعُ الله أن يوفِّقك في امتحان الآخرة.
نسأل الله القدير أن يوفِّقنا وأبناءنا في امتحان الدنيا والآخرة.. اللهم آمين

السبت، 10 مايو 2008

( كيف تنظم وقتك وتحسن استغلاله واستثماره )

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .. وبعد : ربما في زحمة إنشغالنا في هذه الحياة ، يضيع الوقت منّا ساعة بعد ساعة ودقيقة بعد دقيقه .. حتى أصبح اليوم يمر أحيانا أقصر مما نتوقعه ، ولذلك حاولت طرح هذا الموضوع للنقاش المثمر رغبة صادقة مني في الوصول للاستثمار الأمثل لأوقاتنا .. ولذلك سأعرض بعضاً من الأسباب المؤدية إلى ضياع الوقت دون الاستفادة منه ..
فمن أهم هذه الأسباب مايلي :

1- التهاون في استغلال الوقت وتضييعه في التوافه من الأمور .

2- عدم التفريق بين الأهم والأقل أهمية .

3- سوء التوقيت في إنجاز العمل إما بتقديمه عن وقته المناسب أو تأخيره عنه .
4- تنفيذ العمل بصورة ارتجالية وعدم التخطيط له قبل إنجازه بوقت كافي .
5- تنفيذ العمل بصورة ارتجالية وعدم التخطيط المسبق له قبل إنجازه بوقت كافي .
6- الرتابة والروتين اليومي في إنجاز الأعمال .
كيف تنظم عملك اليومي ؟

1- أعد قائمة بأعمالك اليومية في مساء اليوم الذي قبله .
2- قسم الأعمال تقسيما جغرافيا ، بحيث تنجز أعمالك مرتبة حسب موقعها المكاني .
3- اجعل قائمتك اليومية المكتوبة مرنه ، وتتقبل الحذف أو الإضافة أو التأجيل .
4- اترك وقتا في برنامجك اليومي للأمور الطارئة .
5- بادر لاستغلال بعض هوامش الأعمال الطويلة .
6- نوع أعمالك لئلا تصاب بالملل .
7- حبذا لو صممت استمارة مناسبة لكتابة برنامجك .
8- اجعل جزءا من برنامجك اليومي لمشاريعك الكبيرة .
ما الذي يجب عليك أن تلتزم به ؟
1- أد حقوق الله سبحانه وتعالى عليك واستعن به .
2- املأ ذهنك بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله .
3- عود نفسك على أن تكون أهدافك في كل عمل تقوم به سامية واضحة .
4- ألزم نفسك بالتخطيط لأمور حياتك المختلفة وابتعد عن الفوضى والارتجالية في أعمالك .
5- حول خططك في السعي نحو أهدافك إلى عمل ملموس واضح حي ، تجني ثماره .
6- أحذر من ضياع شي من وقتك دون عمل فهو ضياع للحياة .
7- نظم أمورك بكتابة مواعيدك والتزاماتك والتعود على حفظها .
8- قاوم بشدة محاولات النفس للهروب من الأعمال الجادة المهمة إلى المتعة واللهو باستمرار .
9- لا تنسى أن الأعمال أكثر من الأوقات .
10- ليكن شعارك المبادرة والمسارعة إلى كل خير ومفيد .. فما مضى لا يعود أبداً .
11- إذا رأيت من عاداتك سيئاً أو معوقاً عن التقدم لأهدافك فعالجه واستبدله بخير منه .
12- اجعل قيمك ومبادئك الإسلامية فوق كل المساومات .
13- اجعل البحث عن الحق ديدنك .
14- واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما يصيبك عند ربك .
15- لا تجعل شخصيتك كالزجاج الشفاف الذي يسهل كشف ما وراءه ومعرفة حقيقته .
16- اجعل مثلك الأعلى وقدوتك الدائم محمد صلى الله عليه وسلم .
17- تسلح بروح الفكاهة والمرح دائماً من غير إسفاف و لا مبالغة .
18- احذر من الخيال الجامح المحلق في سماء الأوهام كما تحذر من التشاؤم المفرط المحطم للآمال .
19- لا تغرق في الكماليات فتهلك في الترف بل تزود من المتاع بما يكفيك في مسيرتك نحو أهدافك . و أخيراً .. اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة وهو أعلم الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل .

كيف تقلل من السلبية في حياتك ؟
1- خذ قدراً كافياً من النوم بدون إسراف .
2- استيقظ مبكراً ولا تكثر من التململ في فراشك .
3- لا تفوتك صلاة الفجر في وقتها مع الجماعة .
4- لا تنس أذكار الصباح فهي مفتاح السعادة والرزق ليومك .
5- خطط برنامجك اليومي في هدوء .
6- احرص على تنويع برنامجك على أن يكون فيه أشياء محببة إليك .
7- انطلق لتنفيذ برنامجك مبتدئا بدعاء الخروج ودعاء الركوب إن ركبت في ذهابك لعملك .
8- ابتسم إلى كل ما تلقاه من إخوانك في يومك بعد إلقاء السلام عليه .
9- احرص على إنجازك عملك أولاً بأول بحيث تتمكن من إنهاء برنامجك مع نهاية يومك حتى لا يبقى منه شيء للغد . 10- إذا عدت لمنزلك فداعب من تلقاه من أهلك وتبسم في وجهه .
11- ضمن برنامجك وقتاً للراحة والاسترخاء أو النزهة وإن قل .
12- شارك الجيران والأصدقاء والأقارب في مناسباتهم ( أفراحاً كانت أو أتراحاً ).

واعلم أخي الحبيب أن الوقت هو الحياة والعاقل من ينظم وقته ويدرك أنه سيحاسب أمام ربه على كل لحظة تمر عليه ولقد تعلمنا من النبي صلى الله عليه وسلم : لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع منها ( شبابه فيما أبلاه وعمره فيما أفناه 000)

الأربعاء، 30 أبريل 2008

القدس أرض النبوات والبركات و أرض الرباط والجهاد


القدس أرض النبوات والبركات
و القدس جزء من أرض فلسطين بل هي غرة جبينها، وواسطة عقدها، ولقد وصف الله هذه الأرض بالبركة في خسمة مواضع في كتابه:
أولها: في الإسراء حين وصف المسجد الأقصى بأنه: {الذي باركنا حوله} [الإسراء:1].
و ثانيها: حين تحدث في قصة خليله إبراهيم، فقال: {ونجيناه ولوطا إلى الارض التى باركنا فيها للعالمين (71)} [الانبياء:71].
و ثالثها: في قصة موسى، حيث قال عن بني إسرئيل بعد اغراق فرعون وجنوده: {و أورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الارض ومغاربها التى باركنا فيها وتمت كلمت ربك الحسنى على بنى إسرائيل بما صبروا} [الاعراف:137].
و رابعها: في قصة سليمان وما سخر الله له من ملك لا نيبغى لأحد من بعده، ومنه تسخير الريح، وذلك في قوله تعالى: {ولسليمن الريح عاصفة تجرى بامره الى الارض التى بركنا فيها}[الانبياء:81].
و خامسها: في قصة سبأ، وكيف من الله عليهم بلأمن والرغد، قال تعالى: {وجعلنا بينهم وبين القرى التى بركنا فيها قرى ظهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالى وأياما ءامنين(18)}[سبأ:18]. فهذه القرى التي بارك الله فيها هي قرى الشام وفلسطين.
قال المفسر الآلوسي: المراد بالقرى التي بورك فيها: قرى الشام، لكثرة أشجارها وثمارها، والتوسعة على أهلها، وعن ابن عباس: هي قرى بيت المقدس، وقال ابن عطية: إن إجماع المفسرين عليه
و قد ذهب عدد من مفسري القرآن من علماء السلف والخلف في قوله تعالى: {و التين والزيتون (1) وطور سينين (2) وهذا البلد الأمين (3)} [التين: 1-3] إلى أن التين والزيتون يقصد بهما الأرض أو البلدة التي تنبت التين والزيتون، وهي بيت المقدس.
قال ابن كثير: قال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة بعث الله من كل واحد منها نبيا مرسلا من أولى العزم، أصحاب الشرائع الكبار، فالأول: محل التين والزيتون، وهو بيت المقدس، الذي بعث الله فيه عيسى ابن مريم عليهما السلام، والثاني: طور سيناء، الذي كلم الله عليه موسى بن عمران، والثالث: مكة، وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمنا. وبهذا التفسير أو التأويل، تتناغم وتنسجم هذه الأقسام، فاذا كان البلد الأمين يشير الى منبت الإسلام رسالة محمد، وطور سينين يشير الى منبت اليهودية رسالة موسى، فان التين والزيتون يشيران الى رسالة عيسى، الذي نشأ في جوار المقدس، وقدم موعظته الشهيرة في جبل الزيتون .
أرض الرباط والجهاد
و القدس عند المسلمين هي أرض الرباط والجهاد. فقد كان حديث القرآن عن المسجد الأقصى، وحديث الرسول عن فضل الصلاة فيه، من المبشرات بأن القدس سيفتحها الإسلام، وستكون للمسلمين، وسيشدون الرحال الى مسجدها، مصلين لله متعبدين، وقد فتحت القدس -التي كانت تسمى إيلياء-في عهد الخليفة الثاني في الاسلام عمر ابن الخطاب، واشترط بطريركها الأكبر صفرونيوس ألا يسلم مفاتيح المدينة الا للخليفة نفسه، لا لاحد من قواده، وقد جاء عمر من المدينة الى القدس في رحلة تاريخية مثيرة، وتسلم مفاتيح المدينة، وعقد مع أهلها من النصارى معاهدة أو اتفاقية معروفة في التاريخ باسم "العهد العمري" أو "العهدة العمرية" أمنهم فيها على معابدهم وعقائدهم وشعائرهم وأنفسهم وأموالهم، وشهد على هذه الوثيقة عدد من قادة المسلمين، أمثال: خالد بن الوليد، وعبد الرحمن بن عوف، وعمرو بن العاص، ومعاوية بن أبي سفيانو قد أعلم الله نبيه محمدا (صلى الله عليه وسلم ) بأن هذه الأرض المقدسة سيحتلها الأعداء، أو يهددونها بالغزو والاحتلال، ولهذا حرض أمته على الرباط فيها، والجهاد للدفاع عنها حتى لا تسقط في أيدى الأعداء، ولتحريرها إذا قدر لها أن تسقط في أيديهم (كما أخبر عليه الصلاة والسلام بالمعركة المرتقبة بين المسلمين واليهود، وأن النصر في النهاية سيكون للمسلمين عليهم، وأن كل شئ سيكون في صف المسلمين حتى الحجر والشجر، وأن كلا منهما سينطق دالا على أعدائهم، سواء كان نطقا بلسان الحال أم بلسان المقال . وقد روى أبو أمامة الباهلي عن النبي (صلى الله عليه وسلم ) أنه قال: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين، لعدوهم قاهرين، لا يضرهم من جابههم، الا ما أصابهم من لأواء (أى أذى) حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك “، قالوا: وأين هم يا رسول الله ؟ قلا: “بيت المقدس وأكناف بيت المقدس.

الثلاثاء، 29 أبريل 2008

أخي الحبيب : ادع الله أن يحفظ أقصانا

لا تنس أولى القبلتين وثاني المسجدين وثالث الحرمين الشريفين بالدعاء




القدس: القبلة الاولى
أول ما تمثله القدس فى حس المسلمين وفى وعيهم وفكرهم الديني: أنها (القبلة الاولى) التي ظل رسول الله (ص) وأصحابه يتوجهون اليها في صلاتهم منذ فرضت الصلاة ليلة الإسراء والمعراج في السنة العاشرة للبعثة المحمدية أى قبل الهجرة بثلاث سنوات، وظلوا يصلون إليها في مكة، وبعد هجرتهم إلى المدينة، ستة عشر شهراً، حتى نزل القرآن يأمرهم بالتوجه إلى الكعية، أو المسجد الحرام، كما قال تعالى:{ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره} [البقرة 150]. وفي المدينة المنورة معلم أثرى بارز يؤكد هذه القيضه، وهو مسجد القبلتين، الذى صلى فيه المسلمون صلاة واحدة بعضها إلى القدس، وبعضها إلى مكة، وهو لايزال قائما، وقد جدد وتعهد، وهو يزار إلى اليوم ويصلى فيه.
و قد أثاز اليهود في المدينة ضجة كبرى حول هذا التحول، ورد عليهم القرآن بأن الجهات كلها لله، وهو الذي يحد أيها يكون القبلة لمن يصلي له:{سيقول السفهاء من الناس ما ولهم عن قبلتهم التى كانوا عليها قل لله المشرق والمغرب يهدى من يشاء إلى صراط مستقيم (142)} إلى أن يقول: {و ما جعنا القبلة التى كنت عليها إلا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه وان كان لكبية إلا على الذين هدى الله وما كان الله ليضيع ايمنكم}[البفرة 142،143].فقد قالوا: ان صلاة المسلمين تلك السنوات قد ضاعت واهدرت، لانها لم تكن الى قبلة صحيحة، فقال الله:{و ما كان الله ليضيع ايمانكم} اى صلاتكم، لانها كانت صلاة الى قبلة صحيحة مرضية عنده عزوجل.









الاثنين، 28 أبريل 2008

متى نتذوق حلاوة الإيمان ؟؟؟


حلاوة الإيمان
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم فلا يخفى على مسلم أن الإيمان له أركان وثمرات ومن تلك الثمرات ما قد يجده البعض من المؤمنين من أحساس داخلي فيتلذذ به وهو ما يعبر بحلاوة الإيمان ، وهذه الحلاوة قد يحصل عليه المسلم عندما يسلك بنفسه وسيلة من الوسائل التي توصله إلى هذه النتيجة ومن تلك الوسائل ما ثبت في الصحيحين عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يحب الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحبّ المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار) (رواه البخاري 1/30 و مسلم 2/210).وهذا الصحابي أبو حمزة أنس بن مالك عندما يروي هذا الحديث إنما يرويه وهو القريب من نبي هذه الأمة عليه الصلاة والسلام الذي خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة طويلة . يقول الذهبي رحمه الله كما في (سير أعلام النبلاء3/395) صحب أنس بن مالك رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم أتم الصحبة ولازمه أكمل الملازمة منذ أن هاجر وإلى أن مات وغزا معه غير مرة وبايع تحت الشجرة روى الترمذي وغيره أنه قال: خدمت النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، فما ضربني، ولا سبني، ولا عبس في وجهي، دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة المال والولد، فاستجيب دعاؤه صلى الله عليه وسلم، فبلغ أولاده قبيل موته أكثر من مائة، مات سنة إحدى وتسعين، وقيل بعدها، وهو آخر من مات من الصحابة بالبصرة حزن له الناس حزناً شديداً، حتى قيل: قد ذهب نصف العلم .ونقل ابن حجر عن الشيخ أبو محمد بن أبي جمرة أنه قال إنما عبّر بالحلاوة؛ لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: )ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة)، (سورة إبراهيم آية 24).فالكلمة هي كلمة الإخلاص،والشجرة أصل الإيمان، وأغصانها اتباع الأوامر واجتناب النواهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير، وثمرها عمل الطاعات، وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة، وبه تظهر حلاوتها) (فتح الباري 1/60)والإيمان بالله تعالى له حلاوةٌ لا يتذوق طعمها إلا المؤمنون الصادقون الذين يتصفون بصفات تؤهلهم لذلك، وليس كل من ادعى الإيمان يجد هذه الحلاوة.فمحبة الله تعالى، ومن ثم محبة رسوله صلى الله عليه وسلم من أهم صفات من يتذوق طعم الإيمان، فمحبة الله تعالى ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم لا يعلو عليها أي محبة، بل هي مقدمة على محبة النفس والوالد والولد والناس أجمعين لما جاء عن عمر رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شئ إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب اليك من نفسك فقال عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي من نفسي : فقال النبي صلى الله عليه وسلم : الآن يا عمر). (رواه البخاري برقم 6632) وعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبّ اليه من والده وولده والناس أجمعين). (رواه البخاري برقم 15).ويلزم هذه المحبة الاستجابة لأمر لله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم والانتهاء عما نهى الله عنه ورسوله صلى الله عليه وسلم مع الرضى والتسليم التام قال تعالى: (قل أن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله). (سورة آل عمران آية 31).وذكر ابن القيم رحمه الله الأسباب الجالبة لمحبة الله تعالى بعد فعل الفرائض ومنها:1ـ قراءة القرآن بتدبر وتمعن.2ـ التقرب إلى الله بالنوافل.3ـ دوام ذكره على كل حال بالسان والقلب والعمل.4ـ إيثار محابّه على مَحابّ النفس.5ـ مجالسة المحبين الصادقين.6ـ مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله .(مدارج السالكين 3/17) ولمحبة النبي صلى الله عليه وسلم علاماتٌ منها:1ـ الإيمان بأنه رسول من عند الله أرسله الى الناس كافة بشيراً ونذيراً، وداعياً الى الله وسراجاً منيراً.2ـ تمنّي رؤيته صلى الله عليه وسلم والحزن على فقدها.3ـ امتثال أوامره صلى الله عليه وسلم واجتناب نواهيه، فالمحب لمن يحب مطيع، فمن خداع النفس أن تدعى محبته وتخالف أوامره وترتكب نواهيه.4ـ نصر سنته، والعمل بها، ونشرها، والذب عنها، والمجاهدة في سبيل ذلك.5ـ كثرة الصلاة والسلام عليه.6ـ التخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه.7ـ محبة أصدقائه، والذبّ عنهم.8ـ محبة الاطلاع على سيرته، ومعرفة أخباره.وينبغي أن تكون العلاقة بين المسلم وأخيه المسلم قائمة على المحبة في الله تعالى، ولهذه المحبة فضل عظيم وثواب جزيل من ذلك ما ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (سبعة يظلّهم الله في ظله يوم لا ظل الا ظلّه...) وذكر منهم (رجلان تحابا في الله، اجتمعا عليه وافترقا عليه). (رواه البخاري 1/209 ومسلم برقم 1031).والمحبة في الله تقتضي بعض الحقوق التي للمسلم على المسلم ومنها قضاء الحاجات والقيام بها فخير الناس أنفعهم للناس، والسكوت عن ذكر العيوب والتماس العذر له عند وقوع الخطأ منه ،وعدم الغلّ والحقد والحسد لما أنعم الله به على أخيك، والدعاء له في ظهر الغيب ، ومبادرته بالتحية والسلام، والسؤال عن الأحوال، والتفقد لها، وعدم الكبر والغرور،والنصح له .

السبت، 26 أبريل 2008

مناجاة

اللهم يا عالم السر والنجوى، يا كاشف الضر والبلوى، اللهم خابت الآمال إلا منك، وشان التوكل إلا عليك، يا صاحب كل نجوى، ويا منتهى كل شكوى، يا أمان الخائفين، يا غياث المستغيثين، يا مجيب دعاء المضطرين، يا كاشف كرب المكروبين، يا حيلة من لا حيلة له، وياغاية من لا وسيلة له، اللهم كثر الظالمون وعز الإخوان، وانقطعت الحيلة وبطلت الوسيلة، إليك نشكو ضعف قوتنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين وأنت ربنا، عزّ جاهك وجلّ ثناؤك، وتقدّست أسماؤك، لا يرد أمرك، ولا يهزم جندك، يا حي يا قيوم برحمتك نستغيث فأغثنا، أنت غياثنا فبك نغوث، وأنت ملاذنا فبك نلوذ، وأنت عياذنا فبك نعوذ،
يحاكم أولياؤك ، ويُدبر لهم من قبل الظالمين، اللهم إنهم لا مولى لهم سواك، ولا نصير لهم إلا أنت، اللهم انصرهم وأيدهم بفرج من عندك،
اللهم انصر دينك وكتابك ودعوتك وعبادك المؤمنين ،
اللهم نجِ إخواننا المعتقلين المستضعفين من كيد الكائدين وظلم الظالمين ، كن لهم خير معين ، واحفظنا واحفظ اخواننا ودعوتنا من كل جبار عنيد ، ومن كل ظالم عتيد .
اللهم يا مفتح الأبواب، يا مؤنس الأحباب، يا مسهل الأمور الصعاب، يا منزل الكتاب، يا مجري السحاب، يا هازم الاحزاب، يا من ذلت له رقاب الجبابرة، يامن قال "من عادي لي وليا فقد آذنته بالحرب" ، اللهم عليك بمن عادى أولياءك، أعلن حربك عليهم، اجعل الدائرة عليهم، عليك بالظالمين المتكبرين، اهزمهم وزلزلهم، واجعل الدائرة عليهم،
اللهم شتّت شملهم، ومزّق جمعهم، وأبطل كيدهم، وفرّق بينهم وبين من شايعهم،
اللهم انّا نجعلك في نحورهم، ونعوذ بك من شرورهم، اجعل تدميرهم في تدبيرهم، خيب ظنهم، أبطل كيدهم، اللهم زلزل عروشهم وبيوتهم، وأرق وأذهب نومهم، ، بقوتك يا جبار، يا قهار، يا رافع السماء، يا دافع البلاء .
اللهم إنّا عبادك نرفع أكف الضراعة إليك نرجو رحمتك ونخشى عذابك، أذهب خوفنا ورعبنا، وانصر دعوتنا وصحبنا، وأمن روعاتنا، وأذن ببراءة إخواننا، وأقرأعيننا بحريتهم، وأذهب حرقة فؤادنا، واجعل حبك إزارنا، ورضاك شعارنا، وإحسانك سرنا، وطاعتك جمالنا، وعفوك وصالنا، وجنتك دارنا، فتقبل اللهم رجاءنا ودعاءنا،
يا أرحم الراحمين يا حنان يا منان يا ذا الجلال والإكرام، فلا تردنا بعد هذا الدعاء خائبين، ولا عن باب جودك مطرودين، اللهم لا تردنا إلا وقد أطلقت سراح إخواننا، ونصرت دعوتنا، وملأت بالهدى قلوبنا، وشرحت بالإسلام صدورنا، وأقررت برضاك عيوننا، واستخدمت لدينك أرواحنا وأبداننا .
اللهم آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآمــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــين

الجمعة، 25 أبريل 2008

من صفات المؤمنين الثبات

أخبر الله تبارك وتعالى عباده بأن الثبات صفة كريمة من صفات المؤمنين,تتحقق لهم عن طريق الاهتداء بهدي القرآن المجيد,وبالاقبال على طاعة الله والاعتصام بحبله وهداه,فقال في سورة النحل: " قل نزله روح القدس من ربك بالحق ليثبت الذين آمنوا وهدى وبشرى للمسلمين"وقال في سورة محمد : "ياايها الذين آمنوا ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم ".ومتى منّ الله تعالى على عباده بالتثبيت فقد تحقق لهم الثبات .
يقول العلامة محمد أحمد الراشد: "المؤمن من الداعاة أهون عليه ألف مرة أن يخلع أضلاعه ضلعًا ضلعًا، وأن يأكل تراب الأرض من أن يتخلى عن دعوته وعقيدته أو يتراجع عن قضية آمن بها أو قبل المساومة على فكرته التي بلغت عنده حد اليقين؛ لأن في ذلك تنازلاً عن جوهر نفسه كإنسان؛ ولأن الفكرة التي تتملك بيقينها المؤمن تتحول عنده إلى قيمة الحياة ذاتها " .
ـ والثبات في كل معانيه صعب يقول الإمام ابن القيم: "ليس في الجود شيء أصعب من الثبات والصبر إما عن المحبوب أو على المكروهات وخصوصًا إن امتد الزمان ووقع اليأس من الفرج، وتلك المدة تحتاج إلى زاد يقطع بها سفرها، والزاد هنا الثبات على حكم الله وقضائه وابتلائه
قال صاحب الظلال رحمه الله : إن الثبات أحد تكاليف الإيمان والإيمان ليس كلمة تقال إنما هو حقيقة ذات تكاليف وأمانة ذات أعباء ومسؤوليات وجهاد يحتاج إلى صبر واحتمال
وليعلم الدعاة أن طريقهم طويل وشاقّ قد سُفكت عليه الدماء، ودُقَّت فيه الأعناق، وتقطَّعت المفاصل، وزهقت الأرواح، ولعلهم يعلمون ذلك منذ وضعوا أول أقدامهم عليه وبصروا بما هم مقبلون له، واستبانوا الطريق الذي سار عله من سبقهم ولعلهم قرأوا بأعينهم وسمعوا بآذانهم أثرهم .لا بد من ابتلاء :ولا مفر من الابتلاء على الطريق { أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمْ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ } [ آل عمران: 142 ].. { وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ } [ البقرة: من الآية 155].. ( أشد الناس بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل، يُبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في البلاء ) . وهي سنة الله في الجماعة العاملة "هذا هو الطريق الذي صنعه الله للجماعة المسلمة الأولى وللجماعة المسلمة في كل جيل.. إيمان وجهاد.. ومحنة وابتلاء.. وصبر وثبات وتوجُّه إلى الله وحده ثم يجيء النصر.. ثم يجيء النعيم والبلاء بالخير والشر.. { وَنَبْلُوْكُم بِالْخَيْرِ وَالشَّرِّ فِتْنَةً } .. فلا يقتصر على السجون وغيابها أو المطاردة ومخاطرها.. كلا.. ابتلاء الخير أشد ألف مرة.. والثبات على الحق عند حضوره أصعب ألف مرة.
ولابد أن يعرف الدعاة إلى الله أن الثــــــــــبات هبة إلهية ترى ما مؤهلات الثبات ؟ ومن يستحق الثبات ؟ "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء ". "ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن إليهم شيئاً قليلاً". وجاء السؤال بطلب الثبات: "قالوا ربنا أفرغ علينا صبراً وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. وما كان قولهم إلا أن قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت أقدامنا. ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب".
* وإليك أخى الحبيب المواطن التي يلزم فيها الثبات:
1- الثبات على الدين:
روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو، ثم قال رسول الله : ((اللهم مصرف القلوب صرف قلوبنا على طاعتك)). ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون ومثل كلمة خبيثة كشجرة خبيثة اجثتت من فوق الأرض ما لها من قرار.
2- الثبات في الفتن:
روى مسلم وأحمد عن حذيفة: قال:قال رسول الله ((تعرض الفتن على القلوب كعرض الحصير عوداً عوداً، فأيما قلب أشربها نكت فيه نكتة سوداء، وأي قلب أنكرها نُكت فيه نكتة بيضاء حتى تصير على قلبين، على أبيض مثل الصفا فلا تضره الفتنة مادامت السماوات والأرض والآخر مرباداً كالكوز مجخياً، لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكراً إلا ما أشرب هواه)).
والفتن أنواع:
1- الجاه:
واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ولا تعدُ عيناك عنهم تريد زينة الحياة الدنيا ولا تطع من أغفلنا قلبه عن ذكرنا. روى أحمد عن كعب بن مالك: قال:قال رسول الله ((ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه)).
2- فتنة الزوجة والنساء:
اعلموا أنما أموالكم وأولادكم فتنة. إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم. روى مسلم عن أبي سعيد: قال:قال رسول الله ((اتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة كانت في بني إسرائيل في النساء)). وفي مسند أبي يعلى عن أبي سعيد: قال:قال رسول الله ((الولد مجبنة مبخلة محزنة)).
3- فتنة الاضطهاد والطغيان والظلم:
قتل أصحاب الأخدود النار ذات الوقود ـ إلى قوله ـ شيء شهيد. روى مسلم في حديث خباب: ((شكونا إلى رسول الله وهو متوسد بردة في ظل الكعبة، فقلنا له: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ قال: كان الرجل فيمن قبلكم يحفر له في الأرض، فيجعل فيه فيجاء بالمنشار، فيوضع على رأسه، فيشق باثنتين وما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه من عظم أو عصب، وما يصده ذلك عن دينه)).
4- فتنة الدجال:
روى ابن ماجه وغيره من حديث أبي أمامة قال:قال رسول الله ((يا أيها الناس إنها لم تكن فتنة على وجه الأرض منذ ذرأ الله آدم أعظم من فتنة الدجال..)). ((يا عباد الله: أيها الناس فاثبتوا، فإني سأصفه لكم صفة لم يصفها إياه قبلي نبي..)).
5- فتنة المال:
ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون. ومثل الذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله وتثبيتاً من أنفسهم كمثل جنة بربوة.
وكذلك أوجب الله على الفئة المؤمنة الثبات في الجهاد. "يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئةً فاثبتوا واذكروا الله كثيراً لعلكم تفلحون". "يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا ينصركم ويثبت أقدامكم. إذ يوحي ربك إلى الملائكة أني معكم فثبتوا الذين آمنوا سألقي في قلوب الذين كفروا الرعب فاضربوا فوق الأعناق واضربوا منهم كل بنان".
روى البخاري من حديث البراء بن عازب: كان النبي ينتقل التراب يوما لخندق حتى أغمر أو اغبر بطنه يقول:
والله لولا الله ما اهتدينا ولا تصدقنا ولا صلينا
فأنزلن سـكينة علينـا وثبت الأقدام إن لاقينا
إن الألى قد بغوا علينـا إذا أردوا فـتنة أبينـا
ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين.
كما أن الثبات على المنهج مطلوب من أهل الحق والمنهج لغة: هو الطريق الواضح البين. وأقصد: الثبات على منهج أهل السنة والجماعة، وهذا يعم العقيدة والعبادات والسلوك والأخلاق. من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلاً.
ولقد اقتضت حكمته تبارك وتعالى أن يلحق بالجماعة المؤمنة ابتلاءاتٍ وامتحاناتٍ لتمحيص تلك الفئة، وتأكيد وتوطيد عرى العقيدة في القلوب والأفئدة، لمَ لا والثمن هو الجنة؟! لم لا والثمن غالٍ يقتضي من المسلم التحلِّي بالصبر والثبات في زمن نَدُرَ فيه الصبر وضَعُفَ فيه الثبات؟!.. إنه زمنٌ القابض فيه على دينه كالقابض على جمرةٍ من نار؛ يعيش فيه المسلم غريبًا بين أهله وفي وطنه مضطهدًا، يتلقَّى التُّهَم تلو التُّهَم بلا جريرةٍ أو ذنبٍ اقتُرف، وإنما هي اتهاماتٌ باطلةٌ؛ فمن تهمِ الانتماء إلى جماعة محظورة كما يزعمون، إلى تآمرٍ على نظام حكمٍ في سيل من الافتراءات.
وفي هذه الظروف الراهنة التي أُعلن فيه العداء للإسلام بشتى الصور؛ حروب معنوية واقتصادية وعسكرية وإعلامية؛ بهدف بثِّ رُوح الانهزامِ والاستكانة في هذه الأمة، وفي خضمِّ هذه الأحداث الجارية من محاكماتٍ عسكرية واعتقالاتٍ يجب أن نستلهم تلك الأحداث ونستحضرها.
فنتذكَّر ما حدث للأولين من الصحابة الكرام، وما تعرَّضوا له في سبيل الدعوة؛ فطريق الدعوة شاقٌّ يقتضي تضحيات وتضحيات، ويتطلَّب ثباتًا وعزيمةً لا تفتر، وصبرًا وإيمانًا قويًّا صلدًا لا يَفتُّ في ساعده اعتقال أو محاكمة، عسكرية كانت أو مدنية؛ فكل ذلك يهون في سبيل حراسة العقيدة والدفاع عن ثوابت الأمة في زمنٍ اهتزَّت فيه الثوابت، وتكالبت علينا الأمم، حتى أصبحنا في خندق الدفاع دائمًا ليس مع أعداءِ الدين من الخارج، وإنما مع أهلنا في الداخل مع مَن ينتمون لهذا الدين وينتسبون له.
وأخيرا نختم هذه الكلمات بأن نسأل الله الثبات حتى الممات:
"إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون. يثبت الله الذين آمنوا في الحياة الدنيا وفي الآخرة.".

السبت، 19 أبريل 2008

مشكلة تأخر الزواج وكيف عالجها الإسلام ؟


كيف نعالج تلك المشكلة من منظور إسلامي:
مشكلة تأخر الزواج من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي لها انعكاسها السلبي على المجتمع المسلم، وتهدد كيان الأسرة.. وتعتبر من نتائج المغالاة في المهور والبطالة والإسراف في النفقات الباهظة للأفراح.. وأزمة الإسكان والظروف الاقتصادية الصعبة.. وضعف التربية الاجتماعية عند الناس .. وللقضاء على هذه الظاهرة لابد من الرجوع إلى الفكر والتشريع الإسلامي،لذلك يجب علينا بحث تلك الظاهرة كما يمكن أن نطلق عليها ونحاول معا الوصول إلى حل لتلك المشكلة حيث يجب أن تتضافر جميع الجهود لحها سواء الأسرة أو المجتمع والدولة وكل أفراد المجتمع
إن ظاهرة تأخر الزواج بين الشباب ينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة التي لا تنسجم مع مبادئ المجتمع الدينية والأخلاقية.
لذا ننصح بضرورة توعية الجميع بأوامر الشريعة وتنبيههم لهذه الأخطار , وإحياء للقيم الإسلامية الأصيلة المتعلقة بمسائل الزواج وشروطه حتى يتعرف المجتمع على أصول دينه التي تنهى عن التأخر في الزواج وعن المغالاة في المهور أو وضع عقبات في طريق إتمام الزواج أو تعويقه 0
لأن الدين الإسلامي الحنيف حث على الزواج في سن مبكرة ودعا المسلمين إلى التيسير وعدم المغالاة في المهور حيث إنه وضع اعتبار حسن الدين والخلق هو الشرط الأول والأهم في إتمام الزواج ، يقول المصطفى : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه "
هذا دليل على أن حسن الدين والخلق هو الشرط الأساسي لإتمام عمليه الزواج بعيداً عن المغالاة في المهور والهدايا والأمور الأخرى التي نشاهدها اليوم.
وهنا نقول أن حل هذه المشكلة يتكون من شقين الأول ديني وهو التوعية بأهمية الكفاءة من ناحية الدين والخلق، والشق الثاني اقتصادي يعتمد على تذليل الصعوبات المادية للشباب وتوفير فرص العمل والمسكن المناسب.
إن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام ، والمقصود بها أن يهادي الشاب عروسه بهدية أياً كانت قيمتها، فالهدية رمز للمحبة والمودة وليست رمزاً للتفاخر والمغالاة كما يجري اليوم. وتبعاً لهذه الأمور التي ذكرتها يحصل التأخر عن الزواج وينتج عن ذلك ازدياد عدد بالعوانس , وكل هذا يترك مشاكل اجتماعية كبرى تحاشاها الإسلام بهدية، ويتجلى هذا في فعل الرسول حيث اعتمد مهراً للعروس سورة من القرآن الكريم عندما لم يجد المتقدم للزواج مالاً مما يعني أن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام 0
كيف عالج الإسلام غلاء المهور:
ونقول هنا ونوضح كيف قام الإسلام بمعالجة تلك الظاهرة إن صح أن نطلق عليها ذلك فتعتبر مشكله غلاء المهور من أهم أسباب تأخر الزواج خاصة في العصر الحديث حيث أصبح الشاب لا يقدم على خطوة الزواج لخوفه من المغالاة الشديدة في المهور خاصة في بعض الدول العربية 0
بينما لم يحدد الإسلام قيمة معينة للمهور ولم يجعل لها سقفًا محددًا وقد حاول عمر بن الخطاب –رضي لله عنه حين صعد المنبر فخطب قائلاً: ألا لا تزيدوا في مهور النساء علي أربعين أوقية، فمن زاد لقبت الزيادة في بيت المال . فقامت إليه امرأة وقالت: ليس ذلك قال: ولم – وذلك ؟ قالت : إن الله عز وجل يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا} فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وقد حبب الإسلام إلي الناس عدم المغالاة في المهور وكل ما يخص الزواج وتيسيره ونجد أن هناك مخالفة لاتباع المنهج الإسلامي في اختيار الزوجين لأنه يقوم على أسباب دنيوية من مال أو جمال أو حسب دون الاهتمام بالدين والخلق الصالح وهذا ما أدى إلى انتشار الطلاق والعزوف عن الزواج وتأخر الزواج إلا عند توافر هذه الشروط الدنيوية أو المادية ، فأصبحنا لا نجد الأب الذي يرضى بصاحب الدين والخلق وأيضاً نفس الشيء بالنسبة للفتاة التي أصبحت لا تهتم أكثر إلا بالمطالب المادية التي ترهق الشباب في الحصول عليها سواء كانت مسكنًا أو غير ذلك .

دور رجال الدين في حل تلك المشكلة :
وقد دفعت الظاهرة المستفحلة في المجتمعات العربية إلى أن يخصص المعنيين بخطاب الجماهير من كتاب ومثقفين وباحثين وعلماء دين ودعاه إلى بث نداءات لتطويق المشكلة وحلها ..حتى أن خطيب وإمام الحرم المكي الشريف الشيخ عبد الرحمن السديسي في إحدى خطب الجمعة تناول هذه الظاهرة حيث أعاد أسبابها إلى جملة أسباب لا تعدو أن تكون رواسب مرحلة تاريخية مرّت بها كثير من المجتمعات الإسلامية ، أعقبها غزوٌ فكري كانت له آثار خطيرة على الأوضاع الاجتماعية في الأمة ، مما أفرز عوامل نفسية وثقافية واقتصادية ، منها ما يرجع إلى الشباب والفتيات ، ومنها ما يرجع إلى أولياء الأمور ، ومنها ما يعود إلى المجتمع بأسره .
أما الحلول فكثيرة ولكل منها مساهمة في التصدي لهذه المحنة! وإن كان العبء الأكبر لحل مشكلة تأخر الزواج يقع على عاتق العلماء والدعاة والمفكرين، وأئمة المساجد في التصدي لهذا الشبح الخطير، فلا شك أن جهوداً كثيرة تبذل بالفعل من أجل التصدي لهذا الشبح الخطير الذي يهدد مجتمعاتنا، من إنشاء جمعيات وصناديق لمساعدة الشباب على الزواج، والزفاف الجماعي.. إلى غيرها من الجهود المشكورة..
.. لكن مازالت الجهود أقل من المطلوب كماً ونوعاً، فبالإضافة إلى الحث على المزيد من الدعم والمشروعات.. تبقى الحاجة الشديدة والملحّة إلى جهود دعوية متواصلة عبر المنابر الدعوية ووسائل الإعلام المختلفة؛ للتأثير في النفوس الغافلة والقلوب القاسية والعقول الجاهلة..! لكن مازالت الجهود أقل من المطلوب كماً ونوعاً، فبالإضافة إلى الحث على المزيد من الدعم والمشروعات.. تبقى الحاجة الشديدة والملحّة إلى جهود توعية متواصلة عبر المنابر الدعوية ووسائل الإعلام المختلفة؛ للتأثير في النفوس الغافلة والقلوب القاسية والعقول الجاهلة..!
فالناس بحاجة إلى حلول عملية واقعية ناجحة أكثر من حاجتهم إلى الكلام النظري كل هذا من منطلق أن القضية ليست أزمة مجموعات من الفتيات والفتيان متناثرة في المجتمعات.. بل هي أزمة تهدد الأمة في مستقبلها ورأسمالها؛ تلك اللبنة الأساسية التي تضم العناصر الصالحة بعضها إلى بعض.. لتقدم المزيد من النبتات الصالحة..وهي الأسرة!
ولأن الإسلام دين لكل زمان ومكان فقد وضع حلاً لهذه المشكلة منذ أربعة عشر قرنًا ونتساءل هل هناك علاج لتأخر الزواج في الإسلام؟
والإجابة تتمثل في تلك السطور :
دور الإسلام في حل تلك المشكلة :
وفي عصر النبي لم يكن الناس يشكون لا من عنوسة الإناث ولا من عزوبة الشباب، لأن الزواج كان سهلاً وميسراً والنبي يقول "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ولم يكن الناس يعسِّرون في هذه الأمور، و النبي عليه الصلاة والسلام زوَّج سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب بمهر عبارة عن درع اسمه "الحطمية" فالمرأة ماذا تفعل بالدرع ولكنه أشبه بشيء رمزي، فهل تبيعه! أو تتزين به!
كانت الأمور ميسرة والإنسان كان يعرض أحياناً ابنته، فسيدنا عمر عرض على سيدنا أبي بكر حينما أصبحت حفصة بغير زوج فقال له: هل لك في حفصة ابنتي ـ أي هل تتزوجها ـ فلم يرد عليه، ثم ذهب إلى عثمان وسأله: هل لك في حفصة؟ فلم يرد عليه، وذهب إلى الرسول وقال له يا رسول الله عرضت حفصة على كل من أبي بكر وعثمان فلم يردا علي، فقال له النبي : "يزوج الله حفصة خيراً من عثمان ويزوج الله عثمان خيراً من حفصة"، وفعلا تزوج عثمان ابنة الرسول الثانية، فكان الأمر سهلاً لم يكن الناس يعسرون
الآن نحن عندما نريد أن نتزوج اخترع الناس هدية أو شيء سموها الشبكة ثم يعمل حفلة للخطوبة، ثم حفلة عقد القِران، وحفل الزواج ويا ليته مثل السابق، كان الشخص يذبح خروفين ويدعي عليه الناس، إنما الناس الآن أصبحت تعمل حفلات زواجها في الفنادق الفخمة المكلفة ، وتتكلف أضعاف مضاعفة، والهدايا في فترة ما قبل الزفاف والولائم والأثاث، تأثيث البيوت والمفاخرة والرياء الاجتماعي، كل واحد يحب أن يباهي الآخرين ويكلِّف نفسه ما لا يقدر عليه لماذا كل هذا؟ المفروض كما يقولون "على قدر لحافك مد رجليك" (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً)
إنما الشخص يريد أن يفاخر ويباهي ويشتري من الأثاث ما لا يستطيع فكل هذه التكاليف تعرقل الزواج وتعوق خطواته، في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كان الأمر سهلاً وما كانوا ينظرون إلا إلى دين الشخص وخلقه "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وبالنسبة للمرأة أيضا "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"
فقد حث النبي أن نهتم ونركز على الدين والخلق سواء بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لمن يريد أن يخطبها ويتزوجها وكانوا يقولون إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فهي كسبانة كسبانة، ويقول الإمام الشعبي وهو من أئمة التابعين: من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها.
فهذه كانت أمور الزواج في الحياة النبوية، وكانت المرأة تتزوج بسهولة والرجل يتزوج بسهولة أن الحياة كانت فطرية والأمور سهلة ولذلك لم يكون تأخر الزواج مشكلة ولا العزوبة مشكلة في هذا المجتمع المسلم الذي يعتبر نموذج المجتمعات.

مفاهيم في غاية الأهمية بالنسبة للداعية تعالوا لنتعرف عليها 000




مفاهيم حول الإسلام :
الفهم الصحيح للإسلام أمر في غاية الأهمية بالنسبة للداعية ، وهذه أسس لا بد منها هذا الجانب :
1-ربانية الإسلام :
الإسلام دين الله جل وعلا ] إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإِسْلاَمُ [ آل عمران [19]، وبالتالي مادام الإنسان عبداً لله فلا خيار له ، بل لا بد أن يدين بدين الله ] َمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا [ الأحزاب [36] ، ومن ثم تتضح له غايته في الحياة ] وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [ الذاريات [56]، ويعرف أن المقصد هو الله ] وَأَنَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنتَهَى [ النجم [42]، وأن الطموح والاجتهاد والبذل والتضحية إنما هو النيل رضوان الله ] َعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى[ طه [84]] رَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [ الفتح [29] ] لَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا ً[ الحشر [8] ويندرج تحت ربانية الإسلام الفهم والإيمان بكمال الإسلام
2- وسطية الإسلام :
( ضاع هذا الدين بين الغالي فيه والجافي عنه) هذه عبارة مشهورة تبين خطر البعد عن الوسطية التي هي أبرز سمات الأمة الإسلامية كما قال رب البرية ] َكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا ً [ البقرة الآية 143 الإسلام وسط فلا إفراط ولا تفريط . وسط فلا طغيان ولا نقصان .
والإسلام وسط بين اليهود الذين قتلوا الأنبياء ، والنصارى الذين ألَّهوهم ، لأن المسلمين وقروا الرسل ولم يعبدوهم .
والإسلام وسط بين اليهود الذين أسرفوا في التحريم ، والنصارى الذين أسرفوا في الإباحة ، والمسلمون اتبعوا الشرع الإلهي الحكيم الذي بعث الله به الرسول صلى الله عليه وسلم ] َيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ [ الأعراف [157] .
وسطية الإسلام تعني بعمارة الدنيا لخدمة الآخرة ]ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار[ البقرة [201] ] وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا [ القصص [77] .
صلاحية الإسلام :
لابد للداعية أن يفهم هذه الحقيقة فهماً واعياً ، يستطيع معه أن يشيع هذه الحقيقة بين الناس فيجتهد في إبراز محاسن الإسلام وإثبات صلاحيته بالأدلة الشرعية ، والشهادات الواقعية .
فالإسلام حرم الربا كي لا يكون المال دولة بين الأغنياء ولكي لا يزداد الأغنياء غنىً والفقراء فقراً ، مما يكرس الطبقية ويزرع في النفوس بذور الشحناء والبغضاء .
والإسلام يحرم الزنا ويمنع من دواعيه فيحفظ المجتمع من ويلات الإباحية من ضياع الأنساب ، وشيوع الأمراض ، وانتشار الجرائم ، وشهادة واقع المجتمعات الغربية تشهد بذلك .والإسلام يقيم الحكم المستمد من شرع الله ، المعتمد على الشورى ، القائم على العدل ، المستهدف سياسة الدنيا وصيانة الدين

كيفيه بناء شخصية الداعية في الإسلام :

كيفيه بناء شخصية الداعية في الإسلام :
الشخصية الإسلامية:
إن الاهتمام بتكوين الشخصية الإسلامية يجب أن يسبق أي عمل آخر؛ فالشخصية الإسلامية حجر الزاوية في بناء الحركة الإسلامية .. وكما أن الحركة الإسلامية لا يمكن أن تنهض بدورها الكبير في قيادة الأمة بغير الدعاة والعاملين، كذلك فإن هؤلاء الدعاة لا يمكن أن يقوموا بالدور الخطير ما لم تكتمل شخصيتهم الإسلامية اكتمالاً طبيعيًا سليمًا..
العناصر التي تتكون منها الشخصية الإسلامية:
* العقلية الإسلامية:
إن العقلية الإسلامية إحدى مقومات الشخصية الإسلامية.. وهي بالتالي ملكة التفكير والتصور الإسلامي الصحيح للكون والإنسان والحياة، فالأفكار والأحكام والمحسوسيات والمغيبات يجب أن تخضع كلها لتقييم إسلامي صحيح. وبهذا تكون العقلية الإسلامية قاعدة فكرية تعكس مفاهيم الإسلام وأحكامه في كل شأن من الشئون.
فالعقلية الإسلامية هي (العقلية) التي تنظر إلى الأشياء - كلّ الأشياء - من خلال الإسلام .. وتحكم على الأمور - كلّ الأمور - بمنظار الإسلام، فيكون الإسلام بالنسبة إليها مقياس كلّ قضية، وحلّ كل مشكلة، وزمام كلّ أمر .. ولعل أهم الأسباب التي تؤدي بالدعاة إلى الانحراف – أحياناً- اضطراب فهمهم وتصورهم للإسلام، وللعمل الإسلامي.
ولتكوين العقلية الإسلامية لابد من توفر العوامل التالية :
أولاً: الفهم الصحيح للكتاب والسنة:
والذي من شأنه أن يقيم في ذهن الداعية الخطوط الأساسية للحياة الإنسانية كما يريدها الإسلام .
ثانيًا: الإدراك الكامل لأهداف الفكر الإسلامي:
من حيث هو ضابط مسلكي وأخلاقي، دافع للعمل، جاعل سلوك الإنسان متقيدًا ومتكيفًا بحسبه في الحياة الدنيا ونحو الآخرة. وأنه ليس مجرد نظريات ومثاليات مجردة .. وهذا ما يجعل المفهوم الإسلامي واقعيًا وإيجابيًا، وذا مفعول عميق وقوي في بناء الشخصية الإسلامية
ثالثًا: الاستيعاب الكامل والكافي لجوانب التصور الإسلامي:
دونما انحصار في جانب من الجوانب . فكثيرًا ما يؤدي التفريط الجانبي إلى ظواهر وانحرافات خطيرة. فالعقل ينمو نموًا طبيعيًا ما دام يتناول من الأبحاث والثقافات ما يكفل له غذاءً وفيرًا ومتنوعًا .. ويقف عن النمو والإنتاج، بل قد يتأخر ويكف عن التفكير إذا أهمل، أو قدم له الضحل الخفيف من القراءات والمطالعات ..
ومن المعلوم علميا ًإن الدماغ يستطيب تنوع الأبحاث. فينسجم ويستعيد استساغة الفكر.. والتفكير ذو النمط الواحد يكده ويجهده .. مثله في ذلك مثل الأذن تمج النغم الواحد المتواتر .. ومثل عضلات القدم التي يرهقها هبوط المنحدر السحيق، كما يضنيها صعود المرتقى الطويل..لذلك يجب أن نقدم لأدمغتنا دراسات منوعة لتحتفظ بجدتها ونشاطها.
من هنا نلاحظ أن الذين ينصرفون إلى المطالعات (الروحية أو الأدبية) فحسب يصابون بالانعزالية والانطوائية .. كذلك الذين يعكفون على البحوث العلمية المجردة ولا يقدمون للعقل أغذيته الأخرى الضرورية قد يقعون فريسة عوارض عصبية ونفسية جامحة . وحتى يتحقق للعقل اتزانه وعمقه يجب أن ينفتح على كل ما في الحياة من معرفة وعلم وثقافة، يأخذ منها بقدر.. ويدع منها بقدر، وفي حدود ما يستسيغه التصور الإسلامي السليم .. والعقلية الإسلامية لا يمكن أن تكون إسلامية صافية ما لم تطل على العالم من نافذة الإسلام.. تفكر وتقدر، تستحسن وتستقبح، توازن وتقارن، كل ذلك على ضوء الإسلام، ووفق أصوله وقواعده.
* النفسية الإسلامية:
والنفسية الإسلامية ثاني مقومات (الشخصية الإسلامية) بل هي الانعكاس الحسي لتفاعل الفكرة الإسلامية وأثرها في حياة الفرد .. فميول الإنسان وغرائزه مربوطة ارتباطً وثيقًا بمفاهيمه وتصوراته الفكرية .. ومن هنا كانت النفسية الإسلامية هي الكيفية التي يمارس الداعية على ضوئها غرائزه وميوله وحاجاته العضوية.
وقد يكون من أهم ما تجب العناية به، ووضع المناهج له؛ تحويل المفاهيم والأفكار الإسلامية إلى سلوك وخلق أي إلى نفسية إسلامية . وهذا ما يفرض إحكام الربط بين العقلية والنفسية أي بين التفكير والتطبيق .. لقد ندد الإسلام بانفصال (جزئي الشخصية) عن بعضهما البعض فقال تعالى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ امَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ } [سورة الصف : 2].

السبت، 12 أبريل 2008

مقومات النجاح في تكوين الداعية




تكوين الداعية :

في هذا المبحث سوف أسلط الضوء على المقومات الشخصية اللازمة في تكوين الداعية ليتأهل للنجاح في دعوته ، فالمقصود هو بيان ما يلزم الداعية أن يتحقق به في ذات نفسه، وأن يوجده ويكون في سماته وصفاته كأساس لا بد منه قبل أي مقومات خارجية تتصل بالمدعوين أو بيئة الدعوة أو موضوعاتها .
وإن هذه المقومات كثيرة ويمكن أن يطول الحديث في سردها وعرضها وتكون بمثابة استعراض لواجبات وآداب الإسلام مما يفقدنا معرفة الأولويات والأهمية الكامنة في بعض المقومات وهناك أربعة مقومات هي الأكثر أهمية وشمولية ويندرج تحتها كثير من الصفات الأخرى ومنها ما يلي:
1- التميز الإيماني والتفوق الروحاني :
إن التميز في مجال الإيمان عقيدةً صحيحةً ، ومعرفةً جازمةً ، وتأثيراً قوياً يعد- بلا نزاع – أهم المقومات وأولى الأولويات بالنسبة للداعية ، لكي يكون الداعية عظيم الإيمان بالله ، شديد الخوف منه ، صادق التوكل عليه ، دائم المراقبة له ، كثير الإنابة إليه ، لسانه رطب بذكر الله ، وعقله مفكر في ملكوت الله ، وقلبه مستحضر للقاء الله ، مجتهد في الطاعات ، مسابق إلى الخيرات ، صوّام بالنهار قوّام بالليل ، مع تحري الإخلاص التام ، وحسن الظن بالله وهذا هو عنوان الفلاح ، وسمت الصلاح ، ومفتاح النجاح ، إذ هو تحقيق لمعنى العبودية الخالصة لله وهي التي تجلب التوفيق من الله فإذا بالداعية مسدد ، إن عمل أجاد ، وإن حكم أصاب ، وإن تكلم أفاد .
هذا الجانب له العددي من المستلزمات ومنها الآتي :
أولاً : عظمة الإيمان بالله :
أساس كل أمر هو تجريد التوحيد ، والبعد عن الشرك ولا بد أن يكون الداعية صحيح الإيمان ، خالص التوحيد ، عنده من العلم ما يعرِّفه بالله وربوبيته وألوهيته وأسمائه وصفاته ، وأن تستقر هذه المعرفة في سويداء قلبه ، وتملك عليه أقطار نفسه ، وتجري مع الدماء في عروقه ، وأن ينعكس ذلك على سائر أحواله فتنضبط به أفكاره وآراؤه ، وتُحكم به كلماته وألفاظه ، وتُقوَّم به أفعاله وأعماله ,وأن لا يتعلق قلبه بغيره محبة وخوفاً ورجاءً ، وفيه أيضاً أنه عبد من جميع الوجوه : صغيراً وكبيراً ، حياً وميتاً ، مطيعاً وعاصياً معافى ومبتلى ، بالروح والقلب واللسان والجوارح ، وفيه أيضاً أن مالي ونفسي ملك لك فإن العبد وما يملك لسيده ، وفيه أيضاً أنك أنت الذي مننت علي بكل ما أنا فيه من نعمة فذلك كله من إنعامك على عبدك ، وفيه أيضاً أني لا أتصرف فيما خولتني من مالي ونفسي إلا بأمرك ، كما لا يتصرف العبد إلا بإذن سيده وإني لا أملك لنفسي ضراً ولا نفعاً ، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً

ولا يتصور للداعية نجاح وتوفيق ، أو تميز وقبول دون أن يكون حظه من الإيمان عظيماً , إذ كيف تدعو الناس إلى أحد و صلاتك به واهية ومعرفتك به قليلة
وهذه الغاية العظمى تتصل أكثر شيء بأعمال القلوب التي تخفى على الناس ولا يعلمها إلا علام الغيوب ، إلا أن آثار ذلك تظهر بوضوح في الأقوال والأفعال فإن عكوف القلب على الله تعالى ، وجمعيته عليه ، والخلوة به ، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق ، والاشتغال به وحده سبحانه ، بحيث يصير ذكره وحبه , والتفكر في تحصيل مراضيه وما يقرب منه ، فيصير أنسه بالله بدلاً عن أنسه بالخلق ، فيعده بذلك لأنسه به يوم الوحشة في القبور حين لا أنيس له ، ولا ما يفرح به سواه
كل ذلك ينعكس على الداعية فتظهر على شخصيته آثار الإيمان الصحيح المتحرك ومن أبرزها :-
1_ التحرر من عبودية غير الله :
الإيمان قوة عظمى يستعلي بها المؤمن على كل قوى الأرض ، وكل شهوات الدنيا ، ويصبح حراً لا سلطان لأحد عليه إلا لله ، فلا يخاف إلا الله ، ولا يذل إلا لله ، ولا يطلب إلا من الله ، ولا يأمل إلا من الله ، ولا يتوكل إلا على الله ، وللإيمان تأثير كبير في أعظم أمرين يسيطران على حياة البشر وهما : الخوف على الرزق ، والخوف على الحياة .
أما الأول : فلا يخفى كم أذل الحرص أعناق الرجال ، وكم شغل الناس حبُّ المال ، وكم باع أناس مبادئهم ، وخانوا أمتهم وتنكروا لماضيهم لما ذهب الذَّهب بأبصارهم وسبى قلوبهم ، أما المؤمن فحقائق الإيمان تملأ قلبه فلا يتأثر بشيء من هذا لأن في قلبه قول الحق جل وعلا ] وَفِي السَّمَاء رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ [ الذاريات[22] ولأنه يعلم من بيده الرزق ] َابْتَغُوا عِندَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ [ العنكبوت[17] وأنه لا يملك أحد من البشر من ذلك شيئاً ] إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا [ العنكبوت [17] وفوق ذلك يعلم حقيقة الرزق في الدنيا وقيمته المحدودة ويرتبط بقوله تعالى ]وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى [ طه [131] وقوله ] إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ [سورة ص الآية 54 وحديث المصطفى صلى الله عليه وسلم : ((لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافراً منها شربة ماء)) أخرجه الترمذي
وأما الثاني : فيقين المؤمن أن الموت والحياة بيد الله ، وأنه لا ينجي حذر من قدر ، وأن الأمة لو اجتمعت على أن يضروه بشيء لم يضروه إلا بشيء قد كتبه الله عليه ، وأن الموت ليس بالإقدام وأن السلامة ليست بالإحجام بل كما قال تعالى ] أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ [ النساء [78] ومن هنا يتميز المؤمن عن غيره ، فبينما ترتجف القلوب وتنسكب الدموع ، وتعلو التوسلات ، وتقدَّم التنازلات ، حرصاً على الحياة ، نجد المؤمن كالطود الشامخ 0
2- الخشية من الله :
وهي من أعظم آثار الإيمان وأبرز أوصاف المؤمنين ] الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُم بِالْغَيْبِ وَهُم مِّنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ [ الأنبياء [49] ] أُبَلِّغُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [ الأحزاب [39] وقدوتهم في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم حيث يقول : ((إني لأخشاكم لله وأتقاكم له)) أخرجه البخاري
والخشية أخص من الخوف ، فهي مقرون بمعرفة وعندما تعمر الخشية والخوف قلب الداعية المؤمن يتميز عن الغافلين والعابثين لأن الخوف يحول بين صاحبه وبين محارم الله

من خاف الله لم يضره أحد ، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد, وهذه الخشية دافعة للطاعة , وما استعان عبد على دينه بمثل الخشية من الله والداعية له رتبة عليا من الإيمان تجعل خشيته لله أسرع إلى فؤاده من أي رهبة تخامر نفسه أمام ذي سلطان0
والخشية أساس مراقبة الله ترقي بالمؤمن إلى درجة الإحسان وأن يعبد الله كأنه يراه فإن لم يكن يراه فإنه يراه .


ثانياً : الإخلاص لله :
الإخلاص لله روح الدين ولباب العبادة وأساس أي داع إلى الله وهو في حقيقته قوة إيمانية ، وصراع نفسي ، يدفع صاحبه – بعد جذب وشد – إلى أن يتجرد من المصالح الشخصية ، وأن يترفع عن الغايات الذاتية ، وأن يقصد من عمله وجه الله لا يبغي من ورائه جزاءً ولا شكوراً
[
فالمخلصون أعمالهم كلها لله ، وأقوالهم لله ، وعطاؤهم لله ،ومنعهم لله ، وحبهم لله ، وبغضهم لله , فمعاملتهم ظاهراً وباطناً لوجه الله وحده

والإخلاص للداعية ألزم له من كل أحد وأهميته تفوق كل أمر ، وهو استجابة لأمر الله ] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ [ البينة ، وفي تركه خوف من الحرمان برد الأعمال ومنع التوفيق
وفيه وقاية من عذاب الآخرة الذي توعد به الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم من عمل بلا إخلاص عندما ذكر أول ثلاثة تسعّر بهم النار وهم قارئ وغني ومجاهد لم يقصدوا بأعمالهم وجه الله , أخرجه مسلم 0
فلا بد والأمر كذلك من تحري الإخلاص والحذر مما يضاده فإنه لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار والضب والحوت ,والمفروض أن الداعية العارف بالله قد بلغ من منازل الإيمان منزلة تجعل رجاءه في الله وحده يسبق كل رغبة إلى مخلوق ,والإخلاص يجعل للكلمات حيوية مؤثرة ، وللدعوة قولاً سريعاً .
ثالثاً : حسن الصلة بالله :
والمقصود بها إقامة الفرائض ، والاستكثار من النوافل ، والاشتغال بالأذكار ، والمداومة على الاستغفار وكثرة التلاوة القرآنية ، والحرص على المناجاة الربانية ، وغير ذلك من القربات والطاعات ، لأن العبادة زاد يتقوى به الداعية ، فالصلاة صلة بينه وبين مولاه ، ولا مناص من تميزه في حرصه عليها ، وتبكيره إليها ، وخشوعه فيها ،وتطويله لها ، ولست أدري كيف يكون داعية من يتخلف عن الصلوات في الجماعات سيما في الفجر والعصر مع ما ورد في أدائهما خصوصاً من تعظيم الأجر ، وما جاء في فواتهما من التحذير من الإثم والوزر ، وقد ترخص كثيرون في ذلك فلا يهمهم التبكير ، ولا يعنيهم إدراك التكبير 0
والذكر هو العبادة المطلوبة بلا حد يُنتهي إليه ] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا [ الأحزاب [41] وبلا وقت تختص به ] وَمِنْ آنَاء اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى [ طه [130] وبلا حال تستثني منه ] الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ [ آل عمران [
وفي حديث عبد الله بن بشر ، أن رجلاً قال : ((يا رسول الله إن شرائع الإسلام قد كثرت علي فأخبرني بشيء أتشبث به ؟ قال : لا يزال لسانك رطباً من ذكر الله)) رواه الترمذي 0
والاستغفار من أعظم الأذكار وكان المصطفى عليه الصلاة السلام يستغفر في اليوم والليلة سبعين مرة صلى الله عليه وسلم في اليوم والليلة ,وأخبر أمته أن ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ، ومن كل هم فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب) أخرجه أبو داود
ولذا فلا بد للداعية من الأذكار ليحيي الله قلبه ، ولا بد له من الاستغفار ليمحو الله ذنبه .
وأعظم الذكر تلاوة القرآن التي هي من أقوى الصلات بالله التي يحتاجها الدعاة ، ولها أثرها في الواقع الدعوة والحياة ومن الصلة بالله إعزاز كتابه وإدمان تلاوته وتدبر معانيه ، وعقد مقارنة مستمرة بين المثل التي يحدو العالم إليها ، والواقع الذي ثوى الناس فيه لتكون هذه المقارنة حافزاً على تذكير الناس بالحق ، وقيادتهم إلى الله، وتأهيلهم .
وقرب الداعية من كتاب الله يجب أن يكون متعة لروحه وسكناً لفؤاده وشعاعاً لعقله، ووقوداً لحركته ومرقاة لدرجته والصلة بالقرآن موجبة للتميز 0
والخلاصة أن التميز الإيماني من أعظم أسباب نجاح الداعية ، إذ ليس النجاح بفصاحة اللسان ولا قوة البرهان ولا كثرة الأعوان ، بل هو مع ذلك وقبل ذلك بتوفيق الله الذي يخص به أولياءه ولا شك أن الدعاة الذين يكرسون أوقاتهم لله لدفع الناس إلى سبيله ، لا بد أن يكون شعورهم بالله أعمق ، وارتباطهم به أوثق ، وشغلهم به أدوم ، ورقابتهم له أوضح 0
ونحن نريد روحانية إيجابية ، لا انعزالية ترتكز على العبادات والأوراد بعيداً عن التفاعل مع الحياة وما فيها من هموم ومعاناة ، نريد روحانية إيجابية تحفزه للتضحية وتستهدف الشهادة وتعمق الحاجة إلى رضا الله لتغدو هاجساً يومياً يلاحق كل مواطن رضاه في عملية تدقيق ومعاناة تجعله يعيش مع عقيدته في أفكاره ومشاعره وفي علاقاته ومطامحه ، فتتحول في داخل ذاته إلى هم يومي متحرك يراقب الأشياء من خلاله ، ويحدد موفقه منها على أساسه
.
رجاحة العقل وقوة الحجة :
للإيمان إشراقاته وآثاره ، وللعلم فاعليته ودوره ، ويبقى للذكاء والفطنة أهميتها التي لا تنكر ، وإيجابيتهما التي لا تخفي ، وتوفر الذهن الوقّاد والعقل السديد ميزة عظمى يتحلّى بها الداعية فلا سذاجة تضيع بها معاني الريادة، ولا خفة تطمس معالم الهيبة ، بل عقل فطن يرجع إذا اختلفت الآراء ، ويحلل ويدلل إذا فقد الإدراك وغاب التصور ، ويتقن ترتيب الأولويات ، واختيار الأوقات ، وانتهاز الفرص والمناسبات ، ويحسن التخلص من المشكلات ، ويقوى على الرد على الشبهات ، والتكيف مع الأزمات .
وهناك أصناف من المدعوين يحتاج الداعية معهم إلى إقامة الحجة العقلية لإثبات القضية ولعدم اكتفائهم بالأدلة الشرعية من هؤلاء :
1- الكافرون الذين لا يؤمنون بالكتاب والسنة .
2- المعتدُّون بعقولهم المقدمين لها على النص النقلي .
3- المخدوعون بالشبهات .
4- المعاندون الذين يتّبعون الباطل تبعاً لمصالحهم ويسعون إلى إضلال غيرهم .
5- الواقعون تحت تأثير الأوضاع والأعراف الخاطئة حتى ألفوها ورأوها صواباً .

السبت، 5 أبريل 2008

من يقوم بالتغيير؟


من يقوم بالتغيير؟
والإجابة عن هذا السؤال يتطلب مرتكزين أساسيين يقوما بالتغيير :
يقول تعالى في محكم التنزيل : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ليس قاصرًا على الرسول r وحده، ولكن دعوة لأمة المسلمين جميعًا أن تتحمل عبء الدعوة، وأن تسعى إلى تغيير خطابها الديني؛ فكل مسلم داعية،وهذا هو المرتكز الأول في ما يقوم بالتغيير مؤكدا على تطابق الأقوال مع الأفعال، وعليه أن يجدد خطابه مرتكزًا على منهاج الحكمة، التي تخاطب العقول وتقنعهم بالدليل العلمي والموعظة الحسنة، التي تستميل العواطف وتحرك القلوب، وأن يعتمد أسلوب الداعية على انتقاء الكلمات الطيبة0
إننا مطالبون دوماً بمسايرة العصر في طرائق العرض والجذب، لأكبر عدد ممكن من الناس؛ لكن ليس على حساب شرعنا المطهر، ويمكن الجمع- لمن تحقق له التقوى والورع- بين جمال العرض وصحة المضمون0
وهنا يأتي المرتكز الثاني في التغيير وهو المصطلح الديني :
"إعادة بناء الفكر الديني" في الإسلام، دون التعبير بـ"الإصلاح الديني"، لأن أية محاولة إنسانية تدور في محيط الإسلام، لا تتعلق بتعديل مبادئه، طالما أن مصدره هو "القرآن" الذي له صفة الجزم والتأكيد والأبدية، وأية حركة إصلاحية في الإسلام بعد ذلك، هي إذن في دائرة الفكر الإسلامي وحوله، وفي دائرة إفهام المسلمين وتفسيرهم لتعاليمه، وليس هناك تطور للإسلام نفسه، لأن الوحي به قد انتهى على عهد الرسول r كما ختمت برسالته الرسالة الإلهية، ولا يترقب إذن، أن يكون هناك إصلاح ديني في الإسلام على نحو، الذي قام بصنعه "مارتن لوثر" في المسيحية"
لم يعد الإصلاح الديني الإسلامي أمراً إقليمياً، يخص العالم الإسلامي وحسب، بل أصبح جزءاً من اهتمامات السياسة العالمية وقضاياها، بعد أن زج الإسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر في وسط الأحداث الكبرى، ووضع بشكل أو بآخر تحت سطوة عصا الإرهاب الأمريكية، الأمر الذي وضع المسلمين في حالة دفاع عن النفس، جعلتهم في كل مؤتمراتهم وندواتهم يصدرون التوصيات المتلاحقة بالدعوة، لإصلاح الفكر الإسلامي والديني لا يمكننا اعتبار خطاب الإصلاح وليد الأحداث المتسارعة، التي عصفت بالعالمين الغربي والإسلامي، وتعاظمت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. فدعوات الإصلاح نسبت إلى محمد عبده، وعلي عبد الرازق وغيرهم كثير، في القرن الماضي، إلا أن هذه الدعوات ظلت قاصرة على فئة واحدة، أي أنها لم تتحول إلى عمل مؤسساتي واسع.
أن ما يسمى (بالإصلاح الديني) في أدبيات المفكرين، هو إصلاح نظرة العقل المسلم إلى الإسلام، وليس إصلاح الإسلام أو تجديده، بمعنى إيجاد نسخة أخرى له تتناسب وقضايا العصر، "فنحن لا نحتاج إلى فرض إصلاح على الإسلام كما يظن بعض المسلمين، لأن الإسلام كامل بنفسه من قبل، أما الذي نحتاج إليه فعلاً، فإنما هو إصلاح موقفنا من الدين بمعالجة كسلنا وغرورنا وقصر نظرنا، وبكلمة واحدة معالجة مساوئنا نحن، لا المساوئ المزعومة في الإسلام، ولكي نصل إلى إحياء إسلامي، فإننا لا نحتاج إلى أن نبحث عن مبادئ جديدة في السلوك نأتي بها من الخارج، إننا نحتاج فقط إلى أن نرجع إلى تلك المبادئ المهجورة فنطبقها من جديد . أن مرجعية الإحياء والبحث الحضاري من جديد، تكمن في مبادئ الإسلام وقيمه، فإن الذي ندعو إليه هو تفعيل تلك القيم، وتحويلها إلى برامج ومبادئ ضمن رؤية شاملة، وعدم الاكتفاء برفع الشعارات، وهذا من شأنه أن يحقق خاصية الخلود والاستمرار لقيم الكتاب والسنة 0
وضرورة الفصل بين مرامي تجديد الخطاب الديني وأصل الشريعة لازم، فالدمج بينهما كما أسلفنا ، تعطيل للتجديد وغلق لأبواب الاجتهاد . فالخطاب الديني وسيلة توصيل المعنى الذي قصده الشارع إلى المخاطب به، وهنا تبرز الدعوة إلى المجادلة بالتي هي أحسن، كما فسرها المحدثون من السلف بالقدرة على الإقناع ولإقامة الحجج والبراهين ، يقول تعالى : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وقال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، فالإخلاص وحده غير كاف لأداء وظيفة الإصلاح، بل يلزم معه العلم والإحاطة بواقع الناس وحاجاتهم .يقول تعالى : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

لمن التمكين اليوم ؟


لمن التمكين اليوم؟

إن قصة الغلام مع الملك الكافر من أوضح القصص، في تمكين الله تعالى للدعاة في تبليغ رسالتهم وأداء أمانتهم.
قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- : « كان فيمن كان قبلكم ملك وكان له ساحر، فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبر سني، وحضر أجلي، فادفع إلىَّ غلامًا لأعلمه السحر، فدفع إليه غلامًا كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين الملك راهب، فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحر ضربه، قال: ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر، فبينما هو ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال: اليوم أعلم أمر الراهب أحب إلى الله أم أمر الشساحر، قال: فأخذ حجرًا، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها، ومضى الناس، فأخبر الراهب بذلك، فقال: أي بني أنت أفضل مني, ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدل علىَّ؛ فكان الغلام يُبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم بإذن الله, وكان للملك جليس فعمي، فسمع به فآتاه بهدايا كثيرة، فقال: اشفني، فقال: ما أنا أشفي أحدًا، إنما يشفي الله عَزَّ وَجَلَّ، فإن آمنت به دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك: يا فلان، من ردّ عليك بصرك؟ فقال: ربي، فقال: أنا؟ قال: لا، ربي وربك الله، قال: أو لك رب غيري؟ قال: نعم، ربي الله وربك الله، فلم يزل يعذبه حتى دلّ على الغلام، فبعث إليه فقال: أي بني، بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص، وهذه الأدواء؟ قال: ما أشفي أحدًا، إنما يشفي الله عَزَّ وَجَلَّ، قال: أنا؟ قال: لا. قال: ولك رب غيري؟ قال: ربي وربك الله، فأخذه أيضًا بالعذاب لم يزل به حتى دل على الراهب، فأتى الراهب، فقال: ارجع عن دينك، فأبي فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه إلى الأرض، وقال للغلام: ارجع عن دينك، فأبى، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، فقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدهدهوا، فذهبوا به، فلما علوا به الجبل، قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل فدهدهوا، أجمعون، وجاء الغلام يلتمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك، فقال: كفانيهم الله - تعالى -, فبعث به مع نفر في قرقور في البحر، فقال: إذا لججتم به البحر فإن رجع عن دينه وإلا فغرّقوه في البحر، فلججوا به البحر، فقال: الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت، فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم الله تعالى، ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي، قال: وما هو؟ قال: تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع وتأخذ سهمًا من كنانتي، ثم قل: بسم الله رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل, وضع السهم في كبد قوسه، ثم رماه، وقال: بسم الله رب الغلام، فوقع السهم في صدغه، فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام.
فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد والله نزل بك، قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك فخدَّد فيها الأخاديد، وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه، وإلا فأقحموه فيها، قال: فكانوا يتعادون ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه، فكأنما تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أمّاه فإنك على الحق».
لقد انتصر الغلام بعقيدته على الملك الكافر، وتمكن منهجه الرباني في نفوس رعايا الملك المشرك الغادر, وثبتوا على عقيدتهم وضحوا بأنفسهم من أجل إيمانهم وعلموا البشرية معنى من معاني الانتصار.
قال سيد قطب رحمه الله: (في حساب الأرض يبدو أن الطغيان قد انتصر على الإيمان, وأن هذا الإيمان الذي بلغ تلك الذروة العالية في نفوس الفئة الخيرية الكريمة الثابتة المستعلية، لم يكن له وزن ولا حساب في المعركة التي دارت بين الإيمان والطغيان.
في حساب الأرض تبدو هذه الخاتمة أسيفة أليمة.
ولكن القرآن يعلم المؤمنين شيئًا آخر، ويكشف لهم عن حقيقة أخرى.
إن الحياة وسائر ما يلابسها من لذائذ وآلام, ومن متاع وحرمان، ليست هي القيمة الكبرى في الميزان، وليست هي السلعة التي تقرر حساب الربح والخسارة، والنصر ليس مقصورًا على الغلبة الظاهرة، فهذه صورة واحدة من صور النصر الكثيرة.
إن الناس جميعًا يموتون، وتختلف الأسباب، ولكن الناس لا ينتصرون - جميعًا - هذا الانتصار، ولا يرتفعون هذا الارتفاع، ولا يتحررون هذا التحرر، ولا ينطلقون هذا الانطلاق إلى هذه الآفاق، إنما هو اختيار الله وتكريمه لفئة كريمة من عباده، تشارك الناس في الموت، وتنفرد دون كثير من الناس في المجد، المجد في الملأ الأعلى، وفي دنيا الناس - أيضًا - إذا نحن وضعنا في الحساب نظرة الأجيال بعد الأجيال لقد كان في استطاعة المؤمنين أن ينجوا بحياتهم في مقابل الهزيمة لإيمانهم، ولكن كم يخسرون أنفسهم، وكم كانت البشرية كلها تخسر، كم كانوا يخسرون وهم يقتلون هذا المعنى الكبير، معنى زهادة الحياة بلا عقيدة، وبشاعتها بلا حرّية، وانحطاطها حين يسيطر الطغاة على الأرواح، بعد سيطرتهم على الأجساد.
"وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ" [البروج: 8].
حقيقة ينبغي أن يتأملها المؤمنون الداعون إلى الله، في كل أرض، وفي كل جيل.
إن المعركة بين المؤمنين وخصومهم هي في صميمها معركة عقيدة، وليست شيئًا آخر على الإطلاق, وإن خصومهم لا ينقمون منهم إلا الإيمان، ولا يسخطون منهم إلا العقيدة. إن المتأمل في قصة الغلام يجد أن الغلام انتصر بعقيدته ومنهجه.
, وكذلك الراهب الذي ثبت من أجل أن تبقى عقيدته في مقابل أن تزهق روحه، أما الأعمى فقد انتصر مرتين، انتصر عندما تخلى عن مكانته عند الملك مع ما في ذلك من جاه ومكانة، وانتصر عندما تخلى عن حياته في مقابل عقيدته.
إن الراهب والأعمى قد خلّدا لنا معاني عظيمة من معاني الانتصار الحقيقي، بعيدًا عن التأويل والتبرير الذي يغطي فيه كثير من الناس ضعفهم وخورهم بستار، يوهمون فيه الآخرين أنهم فعلوا ذلك من أجل الدين.
لقد كان الغلام ذكيًا ألمعيًا, وحين سنحت له فرصة عظيمة في تبليغ رسالة ربه، اغتنمها وحقق معاني عظيمة في مفهوم النصر والتمكين.
لقد انتصر الغلام بقوة فهمه وإدراكه لأقصر وأسلم الطرق لنصرة دينه وعقيدته، وإخراج أمته من الضلال إلى الهدى، ومن الكفر إلى الإيمان, وانتصر عندما وفق لاتخاذ القرار الحاسم في الوقت المناسب، متخطيًا جميع العقبات، ومستعليًا على الشهوات وحظوظ النفس ومتاع الحياة الدنيا، وانتصر على هذا الملك المتجبر المتغطرس، الذي أعمى الله قلبه، فأخرب ملكه بيده، فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
إن الغلام كان عبقريًا عندما خطط لإهلاك الملك الكافر وعندما رسم طريقه لنيل الشهادة في سبيل الله.
لقد كان الانتصار العظيم في المعركة بين الكفر والإيمان لصالح موكب التوحيد، لقد استشهد فرد وحيت بسببه أمة فآمنت برب الغلام.
إن دقة التخطيط وبراعة التنفيذ، وسلامة التقدير، نجاح باهر، وفوز ظاهر.
لقد انتصر الغلام عندما جعله الله قدوة لمن بعده، وأبقى له ذكرًا حسنًا على لسان المؤمنين، حيث جعل الله له لسان صدق في الآخرين، لقد كانت انتصارات متلاحقة ووصلت إلى ذروتها عندما آمن الناس برب الغلام, آمنوا بالله وحده وكفروا بالطاغوت، وهنالك جن جنون الملك، فقد صوابه، فاستخدم كل ما يملك من وسائل الإرهاب والتخويف، في محاولة يائسة، للإبقاء على هيبته وسلطانه وتعبيد الناس له.
ثم يحفر أخاديده، ويوقد نيرانه، ويأمر زبانيته وجنوده بإلقاء المؤمنين في النار، وتأتي المفاجأة المذهلة، بدل أن يضعف من يضعف، ويهرب من يهرب, إذ نجد الإقدام والشجاعة، وذلك بالتدافع إلى النار ولا غريب، لأن الإيمان بث في نفوسهم الشجاعة، والثبات, وها هم يجدّون في اللحاق بالغلام، وكأنهم يتلذذون في تقديم أرواحهم فداءً لعقيدتهم ودينهم.
إن الإيمان الحقيقي يصنع بالأمم الغرائب, ويبدد الظلام الطويل الذي عاشوه، والسنوات المديدة التي استعبدهم فيها الطغاة، ومع قصر المدة التي قد يأتي فيها الإيمان إلى النفوس إلا أنه كفيل بتعريف الناس بحقيقة المنهج الرباني، كما نرى في هذه الأمة السعيدة التي آمنت برب الغلام، وكأنهم عرفوا المنهج وعاشوا فيه كما عاش الراهب طوال عمره، أو تربوا عليه كما تربي الغلام في صباه.
إن حقيقة الإيمان عندما تخالط بشاشة القلوب، وتلامس الأرواح تفعل العجب.
لقد كان انتصار الناس الذين آمنوا برب الغلام انتصارًا جماعيًا مباركًا يدل على صفاء العقيدة، ووضوح المنهج، وسلامة الطريق، وفهم لحقيقة الانتصار.
إننا لا نجد في القرآن ولا في السُّنَّة أي ذكر لهؤلاء الظلمة، وماذا كان مصيرهم في الدنيا, ولله في ذلك حكمة قد تخفى علينا. نعم وردت آية في آخر قصتهم فيها دعوة لهم وتحذير:
"إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ" [البروج: 10].
قال الحسن البصري: «انظروا إلى هذا الكرم والجود، قتلوا أولياءه، وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة».
إن هذه النهاية تحقق معنى من معاني الانتصار، مَنْ المنتصر؟ الذي نصر عقيدته ودين ربه، وحُرّق بضع دقائق، ثم انتقل إلى جنات النعيم، أو ذلك الذي تمتع بأيام في الحياة الدنيا ثم مآله - إن لم يتب - إلى عذاب جهنم وعذاب الحريق؟
هل هناك مقارنة بين الحريق الأول، والحريق الثاني.. حريق الدنيا وحريق الآخرة؟ إنها نقلة بعيدة، وبون شاسع، أما المؤمنون الذين حُرّقوا في الدنيا، فـ "لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ" [البروج: 11]، وتعلن النتيجة التي لا مراء فيها ولا جدال:
"ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ" أليس هذا هو الانتصار؟ هذا في الآخرة, وفي الدنيا تمكن المنهج من قلوب الناس وتم ظهوره.
فاللهم نصرك لأوليائك في كل مكان اللهم آمين

الدعوة إلى الله ..علم وفن




الدعوة إلى الله ..علم وفن
الدعوة إلى الله ليست مسألة مزاجية يزاولها الداعي، قبل أن يعبأ لها فكريا ونفسيا وروحيا. ومن دون ذلك يمكن أن يؤدي عمله العشوائي والمزاجي، إلى العكس من المرجو من هذه المهمة النبيلة. فالدعوة "علم وفن".
الدعوة علم وفن
فما لم يكن الداعية على علم معمق بالذي يريد قوله، وما لم يكن على دراية بأقصر الطرق الموصلة إلى روح الإنسان، فإن الإخفاق سيكون من نصيبه. وإن آمادا بعيدة ما زالت تفصل بين الدعاة وجوهر الإنسان، وإلى هذا يعزى فشل الداعية في كسب المخاطب إلى صف دعوته. فما لم يكن بوسع الدعاة الوصول إلى هذا الجوهر الذي يقوم عليه كيان الإنسان، ثم إزالة ما تراكم عليه من صدأ؛ كي يتألق من جديد ويتبين معدنه النقي النفيس، فإن الإخفاقات ستتوالى من دون انقطاع.
نعم، "إذا كان الإنسان جزء مهما من هذا الكون، فينبغي ألا نسمح له بتدمير نفسه وسحق روحه، لأن دمار هذا الجزء المهم من الكون، قد يسبب دمارا للكون كله. فنحن مسؤولون كونيا وأخلاقيا عن هذا الجزء وصيانته من الانهيار، ولن نسمح له أن يخرج على التوافق الكوني المدين بدين الله".
فقضية الإيمان قضية تتعلق بالكون كتعلقها بالإنسان، وإن صلاح الكون بصلاح الإنسان، وفساده بفساد الإنسان.
ومن ثم على الدعاة أن يعوا هذه القضية كل الوعي، بأبعادها الكونية والإنسانية، وأن يرتفعوا إلى مستوى المسؤولية. وذلك بإخصاب أرواحهم وإذكاء أفئدتهم وشحن أذهانهم وموازنة حياتهم وتعميق رؤاهم الإيمانية. وأن يدوروا مع الزمن حيثما دار، ويجروا مع الحياة حيثما جرت، ويركضوا وراء الإنسان حيثما مضى، وإلى أي عالم كان انتماؤه، وأي ثقافة كانت ثقافته ولغته.
في عصر العولمة هذا، أصبح للعقل الجمعي قوة تأثيرية أوسع وأسرع مما تستطيعه العقول بجهدها الفردي. فقيادة العالم وإحداث التغيير فيه نحو الأسوأ أو الأفضل، يمكن أن يكون أكثر فاعلية إذا مارست العقول نشاطاتها الذهنية والمعرفية من خلال المؤسسات، سواء كانت هذه المؤسسات علمية أو اجتماعية أو اقتصادية أو ثقافية أو أخرى.
السكونية والحركية
ليس هناك شيء أكثر خطورة على المسلمين من السكون والاسترخاء والاستسلام للنوم والأحلام. "فالسكونية عفونة روحية تقتل المواهب وتحطم الإبداع، وتخنق البطولة وتكتم أنفاس العبقرية. ومنذ مات النازع الحركي في المسلمين، وتوقفوا عن الهجرة والانسياح في أرجاء الأرض حاملين دعوتهم إلى العالم... منذ ذلك الوقت توقفت إبداعاتهم وغاب فهمهم ونجمت في أوساطهم إشكالات فكرية، موهومة وخصومات مذهبية جدلية، وانشغل بعضهم ببعض، وربما قاتل بعضهم بعضا، متناسين0مهمتهم الدعوية الأساس، التي ندبهم الله تعالى إليها. إن دعاة الإيمان إذا ما ساحوا وهاجروا إلى أي مكان في العالم، وضربوا جذورهم فيه، فإن الشجرة لابد أن تنبت عن قريب، وأن تورق وتثمر، وإن تاريخا جديدا للإسلام سيبدأ يتشكل في المكان الذي زرعوا أنفسهم فيه.")
وهذه طبيعة الإسلام، فالإسلام يأبى السكونية والهمودية ويأبى المحدودية، وقد هاجر المسلمون الأوائل وهم يجرون في العالم، حيث يجري بهم الإسلام. وإذا كان العالم قد استنـزفته اليوم قوى الغرب وقيمه وسلوكياته النفعية، وأفرغته من كثير من قيم الإيمان، فإن هذا يحتم على المسلم أن يبادر بنفسه، لكي يعيد لإنسان اليوم عمق الهدفية الإلهية في نفسه.
ومن المنطلق حث فضيلة الأستاذ "فتح الله كولن" رجال التربية والاقتصاد والثقافة وأهل الحمية من الشعوب، مرات عديدة وبمناسبات شتى على إنشاء مدارس وجامعات في تركيا وفي مختلف أرجاء المعمورة، وجعلها مراكز للتربية والتعليم، تدعو إلى الحب والسلام، والحوار والتسامح، ومزج العلم بحقائق الإيمان، ومواكبة العصر من حيث التطورات العلمية والتكنولوجية، مع أخلاق سامية يشار إليها بالبنان. وربما يكون هذا أسلوبا جديدا غير مسبوق، في تعريف الشعوب برسالة الإسلام السمحة. وقد أثبت نجاحَه حيث استطاع أن يوصل صوت الإيمان إلى أصقاع قصية، لم تكن قد سمعت بالإسلام وسماحته في شرق العالم وغربه وشَماله وجنوبه وكافة قاراته.
الانفتاح على معطيات العصر
إن الدعوة إلى الله منفتحة على معطيات العصر في العلوم والفنون والأفكار المتنوعة والثقافات المختلفة. وذلك لإكسابها مزيدا من الاحترام في أوساط واسعة من المثقفين والمفكرين في شتى أنحاء العالم. ينبغي على المسلم أن يكون هو الأرقى والأفضل بين العقول، وأن يحتل كرسي الأستاذية التي يرجع إليها في أمور الثقافة والحياة والإيمان، وألا يكون منكفئا ومنغلقا وبعيدا عن الواقع.
أجل لا شك أن العقلية الحضرية رافد من روافد تشكيل العقل الدعوي، إلا أنها يجب ألا تستعبد الداعية يوما، ولا يكون هو سجين نظريات وآراء، بل حرا يقبل منها ما له ملمح إيماني، ويترك ما ليس له مثل هذا الملمح، وهو لا يعرف هذا الصراع المؤلم بين ما يقرؤه فكرا ويحياه عملا. الفكر عنده هو الحياة، والحياة عنده هو الفكر.
والداعية كتاب مفتوح، كل صفحاته وسطوره مقروءة ومكشوفة، ليس فيه صفحات مطوية عن العيون أو صفحات مكتوبة بالحبر السري. وكما كان رسولنا الحبيب- صلى الله عليه وسلم- سفرا مفتوحا يقرؤه من يريد، من تاريخ ميلاده إلى انتقاله إلى الرفيق الأعلى، هكذا تكون حياة أصحاب الدعوات وأفكارهم. حياة كلها نهار لا ليل فيها، وضحى واضح لا لبس فيه، وظاهر لا باطن له.
إنقاذ الإيمان
الداعية إلى الله لا يزاحم أهل الدنيا على دنياهم ولن يزاحمهم. إن الدنيا نفسها لو جاءته تسعى لعزف عنها وأدار إليها ظهره. إنه مشغول بدعوته، بإنقاذ إيمان الناس. إن إنقاذ إنسان واحد من وهدة الضلال هو خير له من الدنيا وما فيها. وإعادة إيمان غائب إلى قلب إنسان، هو أعظم ما يطمح إليه، وإيصال صوت الإيمان إلى أسماع من لم يسمع به، هو غاية الغايات عنده. هذه هي دعوته يعلنها على رؤوس الأشهاد، لا يكتم منها شيئا ولا يخفي منها شيئا.
التركيز على جوهر الإنسان
إن معالجة الجفاف الروحي والجدب الفكري لدى المسلمين هو من أبرز مهماتنا. وجهلنا بالإنسان يجعلنا نقف حائرين تجاهه، ومن ثم علينا أن نهتم بالدراسات، التي تعمل على كشف أسرار الإنسان ظاهرا وباطنا، ونشجع الدعاة على التخصص بها؛ لكي تتوفر للدعوة معلومات عن كينونة الإنسان، وكيفية التعامل دعويا معها، والتعمق في حقيقتها.لأن الفوضوية الروحية تجتاح العالم اليوم وتستدر العطف والإشفاق من أصحاب الغيرة على الإنسان.
إن سر قوة الدعوة هو في تطابقها مع قوانين النفس البشرية. والذين سئموا من التحليق حول جيف الدنيا، سيجدون في أجوائها ما يتوقون إليه من الطهر والنقاء، وأصحاب الذهنيات المعذِّبة والنفوس المحترقة، سيرون واحتهم البرود في إقليمها. أما أولئك الذين يتهيبون الإسلام ويخافون منه، فسيلمسون ألا شيء أكثر أمنا وأمانا وسلاما من الالتجاء إلى حماه، وأن المعرفة كل المعرفة فيه، وأن من لا يعرفه فإنه لا يعرف في الحقيقة شيئا. وسكارى الأحزان ومسحوقو الأوجاع، سيجدون في صيدلية هذه الدعوة البلسم والشفاء.
إن الدعوة كلها دعاء، وليست شيئا آخر غير الدعاء. دعاء بلسان الحال أو بلسان المقال. وبين الحال والمقال ترتفع الليالي مثقلة بالتهجدات، موقورة السمع بالتضرعات، نضاحة بدمع القلوب، صراخة بوجد الأرواح. وركب الدعوة يمضي في طريقه مشرقا أو مغربا يقوده صواب المنطق، وتحدوه فطنة الحكمة، ويأتيه المدد الإلهي من كل جانب، وتواكبه العناية الربانية حيثما مضى، وأنى ألقى عصا ترحاله.
فالداعية يحذر من الهلاك الروحي المخيف، والسقوط في هاوية الانحلال النفساني الداخلي. إنه لا ينفك يدعو أولئك الذين يريدون الخروج من مستنقع الوحل، ولكنهم لا يعرفون السبيل إلى ذلك، إنه يدعوهم إليه لينخرطوا في صفوف الإيمان.
الحوار مع الآخر
إن سر الدعوة يكمن في علانيتها ووضوحها وعموميتها، وفي المرونة التي تؤهلها لمحاورة الآراء والأديان والثقافات المختلفة، لتكشف لهم عن حقيقة رسالتها، وتزيل التساؤلات التي تثار حولها، وتعبر عن ذاتيتها بنفسها، ولا تدع لأحد مجالا لتشويه صورتها.
إن الدعوة كائن روحي في إهاب بشري، شخص معنوي ذو ذاتية مستقلة، لكنها منفتحة على جميع الذوات، وذو إدراك عال، غير أنه ملزم بمخاطبة جميع الإدراكات. "وإذا كانت دعوة الإسلام قد غيرت وجه العالم القديم، ورسمت خارطة جديدة لفكره الديني، فهي اليوم مرشحة كذلك للقيام بالدور نفسه، إذا ما وجدت ممثليها الحقيقيين.
الداعية المرتقب
الداعية المرتقب كيان إنساني مشع لا يتوقف عن بث شعاعه. فكما أن بعضا من عناصر الطبيعة المشعة، لا تستطيع أن تكف نفسها عن الإشعاع، وكما أن الشمس لا تستطيع التوقف عن إرسال ضوئها إلى الأرض، والقمر لا يقدر أن يحرم الليل من نوره، هكذا الإنسان الداعية لا يمكنه أن يحبس نوره عن الآخرين أو يستر ضياءه عنهم، لأن الدعوة لهب يشعل ذرات دمه، وضياؤه يموج في حنايا ضلوعه. فهو يضيء في أي مكان يحل فيه أو يرتحل عنه.
فلو انهار الكون فجأة، وتناثرت كواكبه، واصطدمت أجرامه، وسقطت السماء على الأرض، وكادت القيامة تقوم وفي يد الداعية فسيلة نور، فإنه يبحث عن قلب يزرع فيه فسيلته قبل أن يغدو العالم رمادا تذروه رياح العدم. ولأن العطاء عنده صار طبيعة وسجية، فهو لا يستطيع أن يتوقف عن العطاء، كما لا يرجو سوى مرضاة الله تعالى أجرا. لذا فإن دائرة مستمعيه في اتساع، وصوت دعوته في ارتفاع.
دعاة الإسلام الحق إخوة البشر وأشقاء الإنسان، لأنهم يمتون بنسب إلى كل قلب، يرثون للأرواح السليبة من النور، وللقلوب المجدبة من فجر اليقين. إنهم أطباء القلوب، وكما تنبجس الحياة من الموت، هكذا وبلمسة منهم تنفجر الحياة في موتى القلوب. لذلك صاروا مثابة يؤمهم الجم الغفير من أخيار الناس طلبا للنجاة والشفاء. هؤلاء هم الدعاة العالمون العاملون، أما أولئك الذين يعلمون ولا يعملون، فإنهم كالثقوب السوداء لا تعكس نورا إلى شيء.
إن الداعية المثالي بطل ثابت الجأش متماسك النفس قوي الإرادة، صاحب رصانة علوية، نبيل الفكر والروح دائم التوثب، لا يخفت حماسه، ولا ينطفئ وجده، لا يعيا ولا يكل، في روحه تسكن أمجاد أمة وتاريخ إيمان، وفجر الأبد ويقين الخلود. إنه عالَم متين من القوة التي لا تعرف الضعف والانهزام، يجيش قلبه بالرأفة على أولئك التائهين الضالين من بني الإنسان. وعلى وفرة رجولته ورجاحة فضله جم التواضع، صوام اللسان إلا عند الضرورة، لا يثير ضجيجا، ولا يقيم مناحة، لا يتفجع ولا يتشكى. إنه يدور مع القدر حيث دار، ومع القدرة يستمد منها القوة، ويطلب منها المدد.
يقول صاحب كتاب طرق الإرشاد في الفكر والحياة: "اعلموا أن الغرب لن يستجيب لدعوتكم؛ إلا إذا وجد أمامه أناسا تنفطر قلوبهم حزنا من أجل خلاص الإنسانية، وإشفاقا عليها... أناسا يقضون لياليهم بالتهجد والقيام لله، وألسنتهم رطبة بذكر الله، لا يهدرون الوقت عبثا، بل يقضونه بما يفيد البشرية وينفعها. أجل، الغرب لن يسلّم روحه إلا أناسا مشحونين بمثل هذه الطاقة. فإذا أصبح ممثلو الإسلام على هذه الشاكلة، فسيهرع الغربيون إلى الإسلام ويدخلون في دين الله أفواجا. ولكن، والحالة معكوسة، فقد تجلت النتيجة معكوسة أيضا".
إن عظماء الدعاة مشغولون دائما بأقدس الأفكار وأطهرها. "فهم يعلمون جيدا أن المسلم عنصر أساس في نظام العالم، فكما لا يمكن الحديث عن النظام في عالم خال من المسلمين، كذلك لا مجال للإرهاب والفوضى في أماكن يوجد فيها المسلمون. وهذا منوط بأداء المسلم وظيفة التبليغ والتمثيل حق الأداء."
فهم يراقبون أنفسهم ويسارعون في ترميم ما ينهار من عزائمهم وما ينصدع من إراداتهم باللجوء إلى كتاب الله والاستمداد من نور رسول الله- صلى الله عليه وسلم-. واغترابهم الروحي ميزة عالية ينجذب إليها من يرى فيها استعلاء على تفاهات البشر. وعلاقاتهم الحميمة مع "جنس الإنسان"، تفتح لهم منافذ الاتصال بالعالم. وما يلاقونه في سبيل الدعوة من عقبات صغيرةً، كان أو كبيرةً لا تثبط هممهم ولا تقتل رجاءهم.
إنهم أذكياء اللب شهماء الأفئدة، على قلوبهم مدونات نورانية من عالم الغيب. فقلوبهم في جيشان دائم لا يتوقف، وصدورهم تنطوي على رغبة في اعتناق كل البشر. إنهم بشريون حقا ولكنهم في قلوب ملائكية، وآدميون ترابيون، إلا أن أرواحهم تسبح في الملأ الأعلى.

كيف تؤدي امتحانا ناجحا ؟


عزيزي الطالب ..كيف تؤدي امتحانا ناجحا ؟!
يقُصُّ علينا القرآن الكريم كثيرا من ألوانِ الامتحانِ المختلفة، وإن لم يسمِها باسم الامتحان، والواقعُ أخي الطالب، أننا في امتحانٍ طويلٍ خلال هذه الحياة " من عمل صالحا فلنفسه، ومن أساء فعليها وما ربك بظلامٍ للعبيد " فيمتحنُ اللهُ عباده بالصحةِ ليرى كيف يستخدمونها، وبالمال لينظرَ كيفَ يُنفقونه، وبالجاه ليعلمَ كيف يستعملونه، والحساب على ذلك كلِّه عند الله العليِّ الكبير، عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي -صلى الله عليه وسلم -أنه قال: " لا تزولُ قدمُ ابنِ آدم يوم القيامة من عندِ ربه، حتى يُسألَ عن خمس: عن عُمُرِه فيمَ أفناه، وعن شبابه فيم أبلاه، وعن ماله من أينَ اكتسبه وفيم أنفقه، وماذا عمل فيما علم " رواه الترمذي ، لذا فإني أوجه لك أخي الطالب العزيز وأتوجه إليك لأضيءَ لك في طريقكِ الدراسي وامتحانكَ الفصلي ستة إضاءات علّها تكونُ نورا لك في حياتك، وزادا مُعينا على تقدُمِك ونجاحك، كما أذكرك بخمسةِ مواقف لن تنجوا في الدنيا والآخرة ما لم تجْتزْها بسلام ، ثبَّتك مولاك إلى أن تصل دار السلام، وتأتيك التحية من الملائكةِ بالسلام " سلامٌ عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار "
إضاءات في طريق الامتحانات
الإضاءةُ الأولى : التفوق .
اعلم أخي الطالبِ حفظك الله، أن العلمَ ركيزةٌ أساسيةٌ في بناءِ الحياة، وما زالَ تأثيره ودوره يتضاعف كلَّما خَطَتِ البشريةُ خطوةً تطوُريَّةً جديدة، أو اكتشفت أُفُقاً بِكْرا من الآفاقِ المدنية، وإنك أيها الشاب مدعُوٌ بإثارةِ كوامنِ عقلك بالتفوُّقِ والابتكار في سِباقِ المنافسةِ بين الأمم، ومن حقك على من سبقوك أن يساعدُوك ويُرشدوك إلى طريقِ التفوُّقِ والنجاح، وإن من أهم الجوانب التي يتميّزُ بها الطالبُ المتفوق: إدراكُه أن الاستعدادَ الجيِّدَ للامتحان هو سبيله الوحيدُ للنجاح، حتى لا يكونَ الامتحانُ له مفاجأة. وعليك أخي الطالب أن تفكر في النجاح، وستكونُ بإذن الله في مصافِّ الناجحين، واعلم أن استعدادك لمعالجةِ جميعِ أشكالِ الأسئلة السهلةِ والمتوسطةِ والصعبة، يزيدك ثقة بنفسك في حلّكَ للأسئلة بإذن الله، وعليك أن تعرف الطريقة التي يتمُّ بها تصحيح ورقة الإجابة، فإنه كلما كانت ورقةُ الإجابة حسنةَ الخط جميلةَ التنظيم، فإن ذلك له أثره على الأستاذ في التصحيح، فيهتمُ بتلك الورقة أكثر ويحاول جاهدا إعطاء ذلك الطالب مِثاليةً في التصحيح، خاصة إذا عرف الطالب أن المدرس يحوي بين يديه مجموعةً كثيرة من الأوراق .
الإضاءة الثانية :الاستعداد المبكر للامتحان .
فبعض الطلاب يؤجلُ الاستعدادَ إلى الأيام الأخيرة من الفصل، مما يسبِّبُ نوعا من القلق يسمى قلقُ الامتحانات، وإن الطالبَ النجيبَ الذي يُحبُّ أن يرتاح وينجح، لابدَّ أن يجدّ ويجتهدَ ويستعدَّ لهذه الاختبارات منذ البداية، ودعني أهمس بأُّذُنِك بإرشادات تُعينُك على استرداد دروسك:
أولا: ابدأ الدراسة أولا- مستعينا بالله، ومستعيذا من الشيطان، ومبتدئا ببسم الله الرحمن الرحيم .
ثانيا: حاول أن تجلس الجلسة الصحيحة للمذاكرة، فدع عنك الاتكاءِ والاسترخاء في جلساتك للمذاكرة، فابتعادُك عن الاتكاءِ والاسترخاء يعينك على مذاكرتك ويبعدك عن النوم والكسل.
ثالثا: دعك من كلمةِ سوف، فإنها سبب كل فشل في هذه الحياة، بل ابدأ بالعمل ولا تكسل.
رابعا: خفف من الأكل قدر المستطاع، واحرص على فتراتِ الراحة .
خامسا: تجنب السهر لأنه يرهِقُكَ بعد فترة إن لم يُرهِقْك الآن، فإن السهر يُتعبُ البصر والدماغ والجسم، مما يؤدي إلى أداء ضعيف للطلاب، حينما يريد أن يكتُب الإجابة فالرأس تسمع منه وشيشا، والعين مُنهكةٌ تريد النوم ، واليدُ ترجُف لا تستطيعُ الكتابة .
سادسا: اعلم أن فترة الصباح وخاصة بعد صلاة الفجر، من أفضل الفتراتِ على الإطلاق للمذاكرة ، خصوصا إذا أديت الصلاةَ مع الجماعة، والرسول - صلى الله عليه وسلم - بشَرنا أن صلاةَ الفجر تُطيبُ النفس وتشرح الصدر وتسعد الخاطر وتطرُد الشيطان.
سابعا: تذكر دائما أن التوفيق من عند الله لا من نفسك، فأكثر من سؤالِ الله أن يوفقك .
ثامنا: احرص أن تكون نيتُك في تحصيل العلم خالصةً لله عز وجل ، ليُصبحَ جُهدك فيه عبادة تؤجر عليها، وتحصل على التوفيق في الامتحان بإذن الله .
الإضاءة الثالثة : المذاكرة
إن كثيرا من الطلاب يخلطون بين الاسترجاع والتعرف، وهناك فرق مهمّ بينهما، فالاسترجاع يحدُث عندما يستعيد الطالب المعلوماتِ من الذاكرة دونَ أماراتٍ أو إلماحاتٍ تُساعد على ذلك، أما التعرف فيحتاج إلى أماراتٍ تساعد عليه، ومُعظمُ الاسئلة تتطلبُ استرجاعا وليس مجرد تعرف، إن طريقةَ النجاح أخي الطالب في هذه الحالة أن تستخدم طريقةَ الدرس والاستذكارِ المنظَّم، التي تُمكِنُكَ من استرجاعِ كلَّ ما درستَه أو معظمَه، ولا تنس أن تستخدمَ الروابطَ الحسيةَ والمعنوية التي تذكرك بمعلوماتك الدراسية أثناء الامتحان، كأن تجعل الروابط قصصا أو أرقاما تذكرك بالمعلومةِ والأخرى، وعندما يَحينُ وقتُ الامتحان سوف يتوافرُ لديك أساسٌ قوي للتعلم والاستذكار .
الإضاءة الرابعة : القلق
إن الأساليبَ الناجحةَ لتجنُبِ حالةِ القلق من الامتحانِ كثيرة، أذكر لك أهمَّها :
أولا: ذاكر دُروسَك بانتظام وِفْقَ مهاراتٍ دراسية منذُ بداية الفصل الدراسي حتى تُحققّ نتائج ممتازة .
ثانيا: الاعتماد على الله سبحانه وتعالى، وذلك أن الله تعالى قد أمرنا أن نعملَ ما في وُسعِنا، ثم نتوكلَ على الله حقَ التوكل بعد القيامِ بواجِبِنا حقّ القيام .
ثالثا: الثقةُ بالنفس، فمن يستعدُ للامتحان من أول الفصل الدراسي ويتوكل على الله سبحانه وتعالى لا بد أن تتولّد لديه الثقةُ بالنفس.
رابعا: أبعد من ذاكرتك أخي الطالب أن الامتحانَ مسألة حياة أو موت، فالامتحاناتُ ما هي إلا اختبارُ قُدرةِ الطالبِ على التحصيلِ الدراسي، لذلك فكُلُّ طالبٍِ لديه قُدُراتٍ كافية لاكتساب المعرفة، وعليك أن تنمي هذه القدرات بالاستعداد الجيد والمذاكرة الناجحة وليس بالغش والخداع والبراشيمِ لمواجهةِ أيِّ اختبار كان فيما بعد .
خامسا: حاول الحصولَ على امتحانات قديمةٍ في نفس المادة، لتتمرّن عليها فأنت بحاجةٍ إلى معرفةِ طريقةِ الأسئلة وصياغتها كما أنك بحاجة إلى فهمها .
الإضاءةُ الخامسة : كيف تؤدي امتحانا ناجحا ؟
إليك أخي الطالب خمس حالات أساسيةٍ لامتحان ناجح :
الحالة الأولى: النوم، فخذ قِسطا وافرا منه في الليلة التي تسبق الامتحان حتى تدخل الامتحان هادئ الأعصاب، قوي التركيز .
الحالة الثانية: التغذية، فعليك أيها الطالب تناوُلَ وجبة خفيفة قبيل ذهابك للامتحان، فهي ستزوِّد مُخك بالطاقة اللازمةِ للتفكير، وستريحُ في الوقتِ نفسه معدتك القلقة، وتجنبِ الإكثار من القهوة والشاي .
الحالة الثالثة: الحركة، إن الحركة والتمارينَ الرياضية من أفضل الأشياء في تخفيفِ التوتُر والقلق، ويكفي أن تتحرك وتمشي في فناءِ المدرسة خلال الساعةِ التي تسبق الامتحان، وليس المقصودُ إضاعةَ الوقت في التمارين الرياضية.
الحالةُ الرابعة : قبل الامتحان .. وقبل الامتحان حاول أن تمنح نفسك أخي الطالب وقتا كافيا لتذهب إلى الامتحان مبكرا ومن غيرِ عجلة.
الحالة الخامسة من حالات نجاح الامتحان: أثناءَ الامتحان .. ففي أثناء الامتحان تذكّر عند استلامكَ ورقةَ الأسئلة أن لا تنس أن تدعو بدعاء الكرب، فقد أخرج مسلمٌ عن ابن عباس رضي الله عنهما، أن نبي الله صلى الله عليه وسلم - كان يقول عند الكرب " لا إله إلا الله العظيمُ الحليم ، لا إله إلا الله رب العرشِ العظيم، لا إله إلا الله رب السماواتِ وربُ الأرض ورب العرش الكريم "، ولا تنس الاستعانة بربك، وتعوّذ من الشيطان الرجيم ، وسمِّ الرحمن، وليكنْ لك في رسولك صلى الله عليه وسلم- قدوة؛ فقد ورد عنه، أن إذا أشكل عليه شيء أو استصعب أمرا قال " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلا وأنت تجعل الحَزْن إذا شئت سهلا "، وكن على ثقةٍ تامة أن الله معك ولن يخيّبَ رجاءك .
الإضاءة السادسة : الغش
أيها الطالب النجيب ، حاول قبل أن تُقدم على الغش أن تفكر في الأمور التالية .
أولا: اعلم جيدا أن الدراسةَ تربيةٌ على الحياة وتأهيل للإنسان للقيام بوظيفته خيرَ قيام، والغشُ في الامتحان يُفقدُ هذه التربيةَ معناها، ويجعل الفرد يتعود على الغش والكذب حتى يخسر دنياه وآخرته، ويلقى ربه على هذه الحال كما قال الله عن المشركين " ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين * انظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون " .
ثانيا : أن الغش يعوِّدُ الإنسانَ على عدم أخذ الأمور بالجدِّ والحزم والقوة، والله أمر أنبياءه ورسلَه والمؤمنين بالجد والحزم، فقال " يا يحيى خذ الكتاب بقوة " والذي يقوم على الغش قد أخذ الحياةَ مأخذا سهلا، فلن ينجح في أيِّ مسؤولية تلقى عليه أو يُعهدُ بها إليه .
ثالثا: أهميةُ الشدائدِ في حياة الإنسان، فالطالب إذا تعرض للامتحان فهذا جزء من تربيته للحياة الدنيا وكذلك لامتحان الآخرة، ويتعلم من هذا الموقفِ الشديد لذةَ الاستعدادِ المبكّرِ والجد والاجتهاد ، فيعتبر في هذا الموقفِ الصغير موقفه في الحساب يوم القيامة.
رابعا: هب أنك أخي الطالب أقدمت على الغش ونجحت وتخرجت في دراستك، فإن هذا العمل سيظلُّ يؤذيك ويحزنك كلما تذكرت، والرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا أذنب العبد ذنبا نكتت في قلبه نكتة سوداء " ويقول تعالى عن الكافرين " كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون "؛ فلو تأملت أيها الطالب الأضرار التي ستلحق بقلبك من جراء هذا العمل لما أقدمت عليه، وأنت بإقدامك على هذا الغش فإنك ستفقد الرقابة الداخلية من قلبك التي فطرك الله عليها، وإذا فقدت هذه الرقابة الداخلية وقعت في النفاق، وهذا من أعظم الأضرار على قلبك.
أخي الطالب اللبيب ..
وبعد هذه الوقفات التي أرجو أن تكون لك نِبراسا تضيء لك الطريق أنتقل بك إلى خمسة مواقف يُمتحن فيها الإنسان، أرجو ألا تغيب عن بالك وأنت تؤدي الامتحان يوم غد ..
الموقف الأول: الابتلاء وعلاقته بالنفس الإنسانية
إن المرء يعيشُ جميعَ لحظاتِ حياته في حالات ابتلاء، إما بالخير وإما بالشر، إما بالطاعة وإما بالمعصية ، وأنه إذا كانت الآخرةُ دارَ حساب فإن الدنيا دار عمل وابتلاء، " ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون " فكلُّ حالة تمر على الإنسان فهو فيها مُمتحن، وقد أعطي عقلا وإرادة ومشيئة وقدرة واختيارا، ليتمكن من فعل الخير والشر بإرادته، بعد ما بين له الله السبيل وأقام له عليه الدليل " إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا "، ومع هذا الابتلاء فلا بد أن يكون لك أيها الطالب موقف انحياز، إما إلى الخير وإما إلى الشر وسيكونُ جزاؤه عند الله على حسب ذلك الانحياز " إن سعيكم لشتى * فأما من أعطى واتقى * وصدق بالحسنى * فسنيسره لليسرى * وأما من بخل واستغنى * وكذب بالحسنى * فسنيسره للعسرى "
الموقف الثاني : اللحظاتُ الأخيرةُ من الحياة .
عن معاذ بنِ جبل - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم- " من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة " رواه أحمد، أخي الطالب: إن حسن الخاتمة مطلبُ كلِّ مسلم وأمنيتُه، فما من مسلم إلا ويحب ذلك ويسعى له جهده، فالله الله أيها الطالب الزم شرع ربك في حياتك، واثبت عليه، فإنه قائدك إلى حسن الخاتمة بإذن الله .
الموقف الثالث : فتنة القبر.
إن أول سؤال يمتحن فيه المرء في قبره، أن يقال له: من ربك ؟ ما دينك ؟ من رسولك ؟ فعليك أن تتذكر هذا الامتحان وأن تسأل ربك دوما التثبيت عند الافتتان.
الموقف الرابع : يوم الحشر.
فيالت شعري ما مشاعرك أخي الطالب في تلك الساعات المُثقلةِ بالرهبةِ والخوف، والتي تحمل ما تحمل من الترقُبِ المغني الذي يهُزُّ الكيانَ هزا ، ويشغلك عن أيِّ شيء وراء نفسك تخوفا مما سيكون عليه مصيرك " فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابا يسيرا * وينقلب إلى أهله مسرورا * وأما من أوتي كتابه وراء ظهره * فسوف يدعوا ثُبورا * ويصلى سعيرا "
الموقف الخامس : الصراط .. جسر جهنم .
ألا ما أحوجك أخي الطالب في ذلك الموقف العصيب إلى رحمة الله الواسعة ، ولطفه الكبير ، وهنيئا لمن قدموا في الدنيا ما يؤهلهم لتلك الرحمة وجميل اللطف ..
فاللهم ارحمنا برحمتك الواسعة التي وسعت كل شيء ..