السبت، 5 أبريل 2008

من يقوم بالتغيير؟


من يقوم بالتغيير؟
والإجابة عن هذا السؤال يتطلب مرتكزين أساسيين يقوما بالتغيير :
يقول تعالى في محكم التنزيل : ( ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ) ليس قاصرًا على الرسول r وحده، ولكن دعوة لأمة المسلمين جميعًا أن تتحمل عبء الدعوة، وأن تسعى إلى تغيير خطابها الديني؛ فكل مسلم داعية،وهذا هو المرتكز الأول في ما يقوم بالتغيير مؤكدا على تطابق الأقوال مع الأفعال، وعليه أن يجدد خطابه مرتكزًا على منهاج الحكمة، التي تخاطب العقول وتقنعهم بالدليل العلمي والموعظة الحسنة، التي تستميل العواطف وتحرك القلوب، وأن يعتمد أسلوب الداعية على انتقاء الكلمات الطيبة0
إننا مطالبون دوماً بمسايرة العصر في طرائق العرض والجذب، لأكبر عدد ممكن من الناس؛ لكن ليس على حساب شرعنا المطهر، ويمكن الجمع- لمن تحقق له التقوى والورع- بين جمال العرض وصحة المضمون0
وهنا يأتي المرتكز الثاني في التغيير وهو المصطلح الديني :
"إعادة بناء الفكر الديني" في الإسلام، دون التعبير بـ"الإصلاح الديني"، لأن أية محاولة إنسانية تدور في محيط الإسلام، لا تتعلق بتعديل مبادئه، طالما أن مصدره هو "القرآن" الذي له صفة الجزم والتأكيد والأبدية، وأية حركة إصلاحية في الإسلام بعد ذلك، هي إذن في دائرة الفكر الإسلامي وحوله، وفي دائرة إفهام المسلمين وتفسيرهم لتعاليمه، وليس هناك تطور للإسلام نفسه، لأن الوحي به قد انتهى على عهد الرسول r كما ختمت برسالته الرسالة الإلهية، ولا يترقب إذن، أن يكون هناك إصلاح ديني في الإسلام على نحو، الذي قام بصنعه "مارتن لوثر" في المسيحية"
لم يعد الإصلاح الديني الإسلامي أمراً إقليمياً، يخص العالم الإسلامي وحسب، بل أصبح جزءاً من اهتمامات السياسة العالمية وقضاياها، بعد أن زج الإسلام منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر في وسط الأحداث الكبرى، ووضع بشكل أو بآخر تحت سطوة عصا الإرهاب الأمريكية، الأمر الذي وضع المسلمين في حالة دفاع عن النفس، جعلتهم في كل مؤتمراتهم وندواتهم يصدرون التوصيات المتلاحقة بالدعوة، لإصلاح الفكر الإسلامي والديني لا يمكننا اعتبار خطاب الإصلاح وليد الأحداث المتسارعة، التي عصفت بالعالمين الغربي والإسلامي، وتعاظمت بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر.. فدعوات الإصلاح نسبت إلى محمد عبده، وعلي عبد الرازق وغيرهم كثير، في القرن الماضي، إلا أن هذه الدعوات ظلت قاصرة على فئة واحدة، أي أنها لم تتحول إلى عمل مؤسساتي واسع.
أن ما يسمى (بالإصلاح الديني) في أدبيات المفكرين، هو إصلاح نظرة العقل المسلم إلى الإسلام، وليس إصلاح الإسلام أو تجديده، بمعنى إيجاد نسخة أخرى له تتناسب وقضايا العصر، "فنحن لا نحتاج إلى فرض إصلاح على الإسلام كما يظن بعض المسلمين، لأن الإسلام كامل بنفسه من قبل، أما الذي نحتاج إليه فعلاً، فإنما هو إصلاح موقفنا من الدين بمعالجة كسلنا وغرورنا وقصر نظرنا، وبكلمة واحدة معالجة مساوئنا نحن، لا المساوئ المزعومة في الإسلام، ولكي نصل إلى إحياء إسلامي، فإننا لا نحتاج إلى أن نبحث عن مبادئ جديدة في السلوك نأتي بها من الخارج، إننا نحتاج فقط إلى أن نرجع إلى تلك المبادئ المهجورة فنطبقها من جديد . أن مرجعية الإحياء والبحث الحضاري من جديد، تكمن في مبادئ الإسلام وقيمه، فإن الذي ندعو إليه هو تفعيل تلك القيم، وتحويلها إلى برامج ومبادئ ضمن رؤية شاملة، وعدم الاكتفاء برفع الشعارات، وهذا من شأنه أن يحقق خاصية الخلود والاستمرار لقيم الكتاب والسنة 0
وضرورة الفصل بين مرامي تجديد الخطاب الديني وأصل الشريعة لازم، فالدمج بينهما كما أسلفنا ، تعطيل للتجديد وغلق لأبواب الاجتهاد . فالخطاب الديني وسيلة توصيل المعنى الذي قصده الشارع إلى المخاطب به، وهنا تبرز الدعوة إلى المجادلة بالتي هي أحسن، كما فسرها المحدثون من السلف بالقدرة على الإقناع ولإقامة الحجج والبراهين ، يقول تعالى : {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ}، وقال تعالى : {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ}، فالإخلاص وحده غير كاف لأداء وظيفة الإصلاح، بل يلزم معه العلم والإحاطة بواقع الناس وحاجاتهم .يقول تعالى : {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَاْ وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللّهِ وَمَا أَنَاْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ}
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

ليست هناك تعليقات: