السبت، 19 أبريل 2008

مشكلة تأخر الزواج وكيف عالجها الإسلام ؟


كيف نعالج تلك المشكلة من منظور إسلامي:
مشكلة تأخر الزواج من الظواهر الاجتماعية الخطيرة التي لها انعكاسها السلبي على المجتمع المسلم، وتهدد كيان الأسرة.. وتعتبر من نتائج المغالاة في المهور والبطالة والإسراف في النفقات الباهظة للأفراح.. وأزمة الإسكان والظروف الاقتصادية الصعبة.. وضعف التربية الاجتماعية عند الناس .. وللقضاء على هذه الظاهرة لابد من الرجوع إلى الفكر والتشريع الإسلامي،لذلك يجب علينا بحث تلك الظاهرة كما يمكن أن نطلق عليها ونحاول معا الوصول إلى حل لتلك المشكلة حيث يجب أن تتضافر جميع الجهود لحها سواء الأسرة أو المجتمع والدولة وكل أفراد المجتمع
إن ظاهرة تأخر الزواج بين الشباب ينذر بظهور العديد من المشكلات والأمراض الاجتماعية والنفسية والأمنية الخطيرة التي لا تنسجم مع مبادئ المجتمع الدينية والأخلاقية.
لذا ننصح بضرورة توعية الجميع بأوامر الشريعة وتنبيههم لهذه الأخطار , وإحياء للقيم الإسلامية الأصيلة المتعلقة بمسائل الزواج وشروطه حتى يتعرف المجتمع على أصول دينه التي تنهى عن التأخر في الزواج وعن المغالاة في المهور أو وضع عقبات في طريق إتمام الزواج أو تعويقه 0
لأن الدين الإسلامي الحنيف حث على الزواج في سن مبكرة ودعا المسلمين إلى التيسير وعدم المغالاة في المهور حيث إنه وضع اعتبار حسن الدين والخلق هو الشرط الأول والأهم في إتمام الزواج ، يقول المصطفى : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه "
هذا دليل على أن حسن الدين والخلق هو الشرط الأساسي لإتمام عمليه الزواج بعيداً عن المغالاة في المهور والهدايا والأمور الأخرى التي نشاهدها اليوم.
وهنا نقول أن حل هذه المشكلة يتكون من شقين الأول ديني وهو التوعية بأهمية الكفاءة من ناحية الدين والخلق، والشق الثاني اقتصادي يعتمد على تذليل الصعوبات المادية للشباب وتوفير فرص العمل والمسكن المناسب.
إن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام ، والمقصود بها أن يهادي الشاب عروسه بهدية أياً كانت قيمتها، فالهدية رمز للمحبة والمودة وليست رمزاً للتفاخر والمغالاة كما يجري اليوم. وتبعاً لهذه الأمور التي ذكرتها يحصل التأخر عن الزواج وينتج عن ذلك ازدياد عدد بالعوانس , وكل هذا يترك مشاكل اجتماعية كبرى تحاشاها الإسلام بهدية، ويتجلى هذا في فعل الرسول حيث اعتمد مهراً للعروس سورة من القرآن الكريم عندما لم يجد المتقدم للزواج مالاً مما يعني أن مسألة المهر هذه رمزية في الإسلام 0
كيف عالج الإسلام غلاء المهور:
ونقول هنا ونوضح كيف قام الإسلام بمعالجة تلك الظاهرة إن صح أن نطلق عليها ذلك فتعتبر مشكله غلاء المهور من أهم أسباب تأخر الزواج خاصة في العصر الحديث حيث أصبح الشاب لا يقدم على خطوة الزواج لخوفه من المغالاة الشديدة في المهور خاصة في بعض الدول العربية 0
بينما لم يحدد الإسلام قيمة معينة للمهور ولم يجعل لها سقفًا محددًا وقد حاول عمر بن الخطاب –رضي لله عنه حين صعد المنبر فخطب قائلاً: ألا لا تزيدوا في مهور النساء علي أربعين أوقية، فمن زاد لقبت الزيادة في بيت المال . فقامت إليه امرأة وقالت: ليس ذلك قال: ولم – وذلك ؟ قالت : إن الله عز وجل يقول {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئًا} فقال عمر: امرأة أصابت ورجل أخطأ.
وقد حبب الإسلام إلي الناس عدم المغالاة في المهور وكل ما يخص الزواج وتيسيره ونجد أن هناك مخالفة لاتباع المنهج الإسلامي في اختيار الزوجين لأنه يقوم على أسباب دنيوية من مال أو جمال أو حسب دون الاهتمام بالدين والخلق الصالح وهذا ما أدى إلى انتشار الطلاق والعزوف عن الزواج وتأخر الزواج إلا عند توافر هذه الشروط الدنيوية أو المادية ، فأصبحنا لا نجد الأب الذي يرضى بصاحب الدين والخلق وأيضاً نفس الشيء بالنسبة للفتاة التي أصبحت لا تهتم أكثر إلا بالمطالب المادية التي ترهق الشباب في الحصول عليها سواء كانت مسكنًا أو غير ذلك .

دور رجال الدين في حل تلك المشكلة :
وقد دفعت الظاهرة المستفحلة في المجتمعات العربية إلى أن يخصص المعنيين بخطاب الجماهير من كتاب ومثقفين وباحثين وعلماء دين ودعاه إلى بث نداءات لتطويق المشكلة وحلها ..حتى أن خطيب وإمام الحرم المكي الشريف الشيخ عبد الرحمن السديسي في إحدى خطب الجمعة تناول هذه الظاهرة حيث أعاد أسبابها إلى جملة أسباب لا تعدو أن تكون رواسب مرحلة تاريخية مرّت بها كثير من المجتمعات الإسلامية ، أعقبها غزوٌ فكري كانت له آثار خطيرة على الأوضاع الاجتماعية في الأمة ، مما أفرز عوامل نفسية وثقافية واقتصادية ، منها ما يرجع إلى الشباب والفتيات ، ومنها ما يرجع إلى أولياء الأمور ، ومنها ما يعود إلى المجتمع بأسره .
أما الحلول فكثيرة ولكل منها مساهمة في التصدي لهذه المحنة! وإن كان العبء الأكبر لحل مشكلة تأخر الزواج يقع على عاتق العلماء والدعاة والمفكرين، وأئمة المساجد في التصدي لهذا الشبح الخطير، فلا شك أن جهوداً كثيرة تبذل بالفعل من أجل التصدي لهذا الشبح الخطير الذي يهدد مجتمعاتنا، من إنشاء جمعيات وصناديق لمساعدة الشباب على الزواج، والزفاف الجماعي.. إلى غيرها من الجهود المشكورة..
.. لكن مازالت الجهود أقل من المطلوب كماً ونوعاً، فبالإضافة إلى الحث على المزيد من الدعم والمشروعات.. تبقى الحاجة الشديدة والملحّة إلى جهود دعوية متواصلة عبر المنابر الدعوية ووسائل الإعلام المختلفة؛ للتأثير في النفوس الغافلة والقلوب القاسية والعقول الجاهلة..! لكن مازالت الجهود أقل من المطلوب كماً ونوعاً، فبالإضافة إلى الحث على المزيد من الدعم والمشروعات.. تبقى الحاجة الشديدة والملحّة إلى جهود توعية متواصلة عبر المنابر الدعوية ووسائل الإعلام المختلفة؛ للتأثير في النفوس الغافلة والقلوب القاسية والعقول الجاهلة..!
فالناس بحاجة إلى حلول عملية واقعية ناجحة أكثر من حاجتهم إلى الكلام النظري كل هذا من منطلق أن القضية ليست أزمة مجموعات من الفتيات والفتيان متناثرة في المجتمعات.. بل هي أزمة تهدد الأمة في مستقبلها ورأسمالها؛ تلك اللبنة الأساسية التي تضم العناصر الصالحة بعضها إلى بعض.. لتقدم المزيد من النبتات الصالحة..وهي الأسرة!
ولأن الإسلام دين لكل زمان ومكان فقد وضع حلاً لهذه المشكلة منذ أربعة عشر قرنًا ونتساءل هل هناك علاج لتأخر الزواج في الإسلام؟
والإجابة تتمثل في تلك السطور :
دور الإسلام في حل تلك المشكلة :
وفي عصر النبي لم يكن الناس يشكون لا من عنوسة الإناث ولا من عزوبة الشباب، لأن الزواج كان سهلاً وميسراً والنبي يقول "أقلهن مهراً أكثرهن بركة" ولم يكن الناس يعسِّرون في هذه الأمور، و النبي عليه الصلاة والسلام زوَّج سيدة نساء العالمين فاطمة رضي الله عنها لعلي بن أبي طالب بمهر عبارة عن درع اسمه "الحطمية" فالمرأة ماذا تفعل بالدرع ولكنه أشبه بشيء رمزي، فهل تبيعه! أو تتزين به!
كانت الأمور ميسرة والإنسان كان يعرض أحياناً ابنته، فسيدنا عمر عرض على سيدنا أبي بكر حينما أصبحت حفصة بغير زوج فقال له: هل لك في حفصة ابنتي ـ أي هل تتزوجها ـ فلم يرد عليه، ثم ذهب إلى عثمان وسأله: هل لك في حفصة؟ فلم يرد عليه، وذهب إلى الرسول وقال له يا رسول الله عرضت حفصة على كل من أبي بكر وعثمان فلم يردا علي، فقال له النبي : "يزوج الله حفصة خيراً من عثمان ويزوج الله عثمان خيراً من حفصة"، وفعلا تزوج عثمان ابنة الرسول الثانية، فكان الأمر سهلاً لم يكن الناس يعسرون
الآن نحن عندما نريد أن نتزوج اخترع الناس هدية أو شيء سموها الشبكة ثم يعمل حفلة للخطوبة، ثم حفلة عقد القِران، وحفل الزواج ويا ليته مثل السابق، كان الشخص يذبح خروفين ويدعي عليه الناس، إنما الناس الآن أصبحت تعمل حفلات زواجها في الفنادق الفخمة المكلفة ، وتتكلف أضعاف مضاعفة، والهدايا في فترة ما قبل الزفاف والولائم والأثاث، تأثيث البيوت والمفاخرة والرياء الاجتماعي، كل واحد يحب أن يباهي الآخرين ويكلِّف نفسه ما لا يقدر عليه لماذا كل هذا؟ المفروض كما يقولون "على قدر لحافك مد رجليك" (ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط فتقعد ملوماً محسوراً)
إنما الشخص يريد أن يفاخر ويباهي ويشتري من الأثاث ما لا يستطيع فكل هذه التكاليف تعرقل الزواج وتعوق خطواته، في عصر النبي عليه الصلاة والسلام كان الأمر سهلاً وما كانوا ينظرون إلا إلى دين الشخص وخلقه "إذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه"، وبالنسبة للمرأة أيضا "تنكح المرأة لأربع لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك"
فقد حث النبي أن نهتم ونركز على الدين والخلق سواء بالنسبة للمرأة أو بالنسبة لمن يريد أن يخطبها ويتزوجها وكانوا يقولون إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين إن أحبها أكرمها وإن أبغضها لم يظلمها، فهي كسبانة كسبانة، ويقول الإمام الشعبي وهو من أئمة التابعين: من زوَّج ابنته من فاسق فقد قطع رحمها.
فهذه كانت أمور الزواج في الحياة النبوية، وكانت المرأة تتزوج بسهولة والرجل يتزوج بسهولة أن الحياة كانت فطرية والأمور سهلة ولذلك لم يكون تأخر الزواج مشكلة ولا العزوبة مشكلة في هذا المجتمع المسلم الذي يعتبر نموذج المجتمعات.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

موضوع في غاية الأهمية وأتمنى نشره على أوسع نطاق