الاثنين، 10 مايو 2010

الحل الإسلامي لمشكلة الفقر

قضية الفقر من أصعب القضايا التي تواجهها المجتمعات المعاصرة والتي عانت منها جميع المجتمعات ولكن الإسلام حدد في تعاليمه المنهج الذي يتم به القضاء على الفقر كما وضع التشريع الذي يكفل نجاح النظرية وهو فرض الزكاة على أغنياء المسلمين بقدر معلوم لمساعدة الفقراء0
فالإسلام يقضي على الفقر باستئصال أسبابه لأن الوقاية مبدأ إسلامي أصيل وشامل لا يقتصر على ما يضر الأبدان فقط بل تعتبر الوقاية مرادفة لقاعدة درء المفاسد أولى من جلب المنافع , ومن ثم يتضح أن الوقاية في محصلتها النهائية تكون في الحذر مما يؤدي إلى الضرر فكل المبادئ التي تنهى عما يقرب من الحرام أو الفساد أو أهلالحرام أو أهل الفساد تعد وقاية لا تتغير في محصلتها النهائية عن الوقاية في إطارها الطبي المعروف.
إن التشريع الإسلامي يربط بين الشؤون الجسدية والروحية والمادية والمعنوية ربطاً قويا وهذه الأمور مترابطة ومنسجمة مع بعضها البعض ولا يكون بينها انفصال لأن كل ما يتأثر به الجسد تتأثر به الروح.
ومن المعروف أن العقل السليم في الجسم السليم وأن الجسم العليل ليس بإمكانه أن يؤدي مهمة عقلية أو روحية كبيرة ومن ثم يكون المؤمن القوي خيراً وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف فتتعانق القوة الروحية والعقلية للمؤمن مع قوته البدنية ليحققا استقامة المعنى إذا أريد بالقوة المعنى الشامل لها.
وإذا كان هذا هو منهج الإسلام الوقائي في مكافحة الفقر فإن النظام العالمي الجديد الذي جاء ليدعم مفاهيم الديمقراطية وحقوق الإنسان واستقر في ظله مبدأ التدخل الإنساني، جاء أيضاً ليشهد اتساع مساحة الفقر في العالم، الأمر الذي يضع علامات استفهام كبيرة حول البنود الرئيسية التي تتضمنها أجندة النظام العالمي الجديد، إذ إنه لا يمكن الوفاء في ظل تصاعد موجة الفقر بالحاجات الأساسية لنسبة كبيرة من سكان العالم المعاصر
ما هو المنهج الذي تعامل به الإسلام للقضاء أو الحدّ من مشكلة الفقر؟
ونجد أن الإسلام قد اهتم بمشكلة الفقر وحرص على علاجها قبل نشوئها بوسائل وقائية وإذا وقع الفقر وضع لها وسائل لمعالجتها ومنها :
أولاً : الوسائل الوقائية
1- الإيمان: حيث إن الإيمان بأن الله هو الخالق الرازق يدعو الفقير إلى الرضا بما قسمه الله له، وهذا الإيمان يدفعه إلى السعي وراء أسباب الرزق لتحصيل ما كتبه الله له. فقال تعالى:}وَمَا مِن دَآبَّةٍ فِي الأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ { (هود: 6)
2- التقوى:إن تقوى الله تفتح له أبواب الخير والرزق من حيث لا يحتسب حيث قال الله } وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًاويرزقه مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ {(سورة الطلاق الآية 2-3)
3- الشكر: وشكر الله على نعمائه يكون سبباً في زيادة الخير والنعيم قال تعالى} وَإِذْ تَأَذَّن َرَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ { (إبراهيم: 7)
4- الاستغفار: وهو سبب من أسباب البركة من السماء والأرض وزيادة في المال والبنين } فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ { (نوح: 10-12)
5- إعمار بيوت الله بالصلاة والمحافظة عليها، والذكر والدعاء والتسبيح والشكر لله تعالى، فإنه بذلك يفيض الله بنعمه على عمّار بيوت الله بالخير في الدنيا والجزاء في الآخرة حيث قال تعالى: } إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللّهِ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ { ( التوبة: 18)
6- حسن التوكل على الله: قال تعالى: } وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا { (الطلاق : 3)
عَنْ عُمَرَ قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَوْ أَنَّكُمْ تَوَكَّلْتُمْ عَلَى اللَّهِ حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرَزَقَكُمْ كَمَا يَرْزُقُ الطَّيْرَ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا (
[1])
7-عدم الإسراف والتبذير : حيث إن التبذير والإسراف سبب من أسباب الفقر في المجتمعات، لأجل ذلك فقد نهى الإسلام عن الإسراف والتبذير فقال تعالى:} وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ { (
[2]) 0
8-الحث على العمل والتكسب:
من الأسباب المباشرة للفقر البطالة وترك التكسب، وهذه الظاهرة قد عالجها الإسلام من عدة جهات منها الحث على العمل والأكل من الكسب الحلال فقال النبي صلى الله عليه وسلم يوما على المنبر:" اليد العليا خير من اليد السفلى واليد العليا المنفقة والسفلى السائلة" متفق عليه، وقال :« ما أكل أحد طعاما قط خيرا من أن يأكل من عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده » البخاري . وإيجاب النفقة على العيال مع منع الزكاة عن القوي القادر على الاكتساب لقول النبي صلى الله عليه وسلم :« لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي » (رواه أبو داود والترمذي وصححه ابن خزيمة) دليل يجعل العمل واجباً.
وبالعلم حارب الإسلام الفقر حرباً شديداً، أمر فيها بأهمية العمل و الكسب ووجه إلى أهمية تحصيل الأرزاق ليتم التكافل الاجتماعي
9-إباحة الطيبات المشاعة التي لا مالك لها :
ومن الأمور التي يفترض أن تقلل من مظاهر الفقر أن الله تعالى قد أباح للناس ما على الأرض وفي بطنها وما في البحر وما طار في الجو من الطيبات ما لم يتناولها ملك أحد، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً) (البقرة:168) وقال : (وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيّاً وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا وَتَرَى الْفُلْكَ مَوَاخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (
[3]) 0
10-تحريم الرذائل الموجبة للفقر :
وتتدخل الشريعة في السلوك الفردي بحيث تحرم بعض التصرفات وبعض الأعمال، التي من شأنها أن توقع الإنسان في الفقر والحاجة بعد أن كان ذال مال، ومن ذلك تحريم تناول المسكرات المذهبة للعقل والمضيعة للمال، ومن ذلك تحريم الميسر أو القمار الذي لا يختلف اثنان أنه من أكبر أسباب الإفلاس والفقر بعد اليسر ، وكذلك حرم التبذير بوضع المال في غير موضعه وإنفاقه في ما لا يحتاج إليه من كماليات، وقد قال تعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ)(الإسراء27) وقال : (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً) (
[4]).
11-تحريم المعاملات التجارية المعمقة لفقر الفقراء :
ذلك أن الشريعة الإسلامية شريعة العدل التي تحفظ حقوق الضعفاء المحتاجين فقد جاء تحريم الربا فيها تحريم قاطعاً، لأنه رمز الدمار ومؤشر خراب الاقتصاد وسبب واضح للفقر ومظهر واضح من مظاهر استغلال حاجة الناس لأكل عرقهم وجهدهم ، وكذلك حُرم الاحتكار بقول الرسول صلى الله عليه وسلم :"لا يحتكر إلا خاطئ " رواه مسلم، ومعلوم أن الاحتكار مما يسبب الغلاء وعجز الناس عن شراء حوائجهم الأساسية ويكون الثراء لطائفة معينة على حساب أغلب الأمة، وكذلك حرمت الشريعة الضرائب 0
وإذا حققت العناصر المادية المطلوبة شرعاً جاءت العناصر المعنوية كالبركة الربانية والتوفيق الإلهي الذي يسير هذا الكون وما فيه، وقد قال تعالى : (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ ) (
[5]) وقال سبحانه : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ أَقَامُوا التَّوْرَاةَ وَالْأِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ مِنْ رَبِّهِمْ لَأَكَلُوا مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) (المائدة 66)[6]
ثانياً : الوسائل العلاجية :
إن من طرق معالجة الإسلام للفقر:
1- تشجيع الناس على مزاولة الأعمال الحرة، وبعض المهن والصناعات كما كان يفعل الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، الذين أعطوا القدوة والمثل الأعلى في العمل الحر والكسب الحلال. ومن أمثلة ذلك :
‌أ-نوح عليه السلام تعلم صنع السفن، وأمره الله بصنعها في قوله تعالى : } وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ { (هود: 37-38)
‌ب-داوود عليه السلام كان يجيد الحدادة وصناعة الدروع الحربية قال تعالى : } وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ مِنَّا فَضْلاً يَا جِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ وَأَلَنَّا لَهُ الْحَدِيدَ  أَنِ اعْمَلْ سَابِغَاتٍ وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ وَاعْمَلُوا صَالِحاً إِنِّي بِمَا تَعْمَلُون بصيرَ{ (سبأ: 10-11) وأخرج البخاري عن أَبُي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ دَاوُدَ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَام كَانَ لَا يَأْكُلُ إِلَّا مِنْ عَمَلِ يَدِهِ (
[7])
‌ج-موسى عليه السلام الذي أجّر نفسه في رعي الغنم ثماني سنوات لنبي الله شعيب عليه السلام مقابل نكاح إحدى ابنتيه قال تعالى: } قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِندِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ  قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ { (القصص : 27-28)
‌د- ومحمد صلى الله عليه وسلم الذي كان يرعى الغنم ويزاول التجارة بأموال خديجة رضي الله عنها قبل مبعثه صلى الله عليه وسلم وفي الحديث الذي أخرجه البخاري عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا رَعَى الْغَنَمَ فَقَالَ أَصْحَابُهُ وَأَنْتَ فَقَالَ نَعَمْ كُنْتُ أَرْعَاهَا عَلَى قَرَارِيطَ لِأَهْلِ مَكَّةَ(
[8])
فلنا في الأنبياء القدوة الحسنة والصالحة في مزاولة العمل والتجارة ورعي الأغنام وهو من أشرف الكسب وأعظم الحلال لأن ذلك مهنة الأنبياء وفعل المرسلين عليهم أفضل الصلاة والسلام.
وقد حث القرآن الكريم على الكسب الحلال ودل على طرق الرزق وأسباب الغنى بكسب اليد وذلك لأن العمل طريق إلى المجد والرفعة والنهوض بالمجتمع نحو التقدم في كل المجالات.
فمن الآيات التي جاءت ترغب في العمل وتحض عليه:
أ - قال تعالى : } وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ { (التوبة : 105) ( فَسَيَرَى اللَّه عَمَلكُمْ وَرَسُوله ) يَقُول : فَسَيَرَى اللَّه إِنْ عَمِلْتُمْ عَمَلكُمْ , وَيَرَاهُ رَسُوله والمؤمنون سيرونه في الدنيا، وفيها حث على الإتقان في العمل واستشعار مراقبة الله تعالى في جميع أعمالنا.
ب- وقد أمر الله تعالى بالانتشار في الأرض والسعي والكسب من أجل تحصيل الرزق، قال تعالى: } فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلاةُ فَانتَشِرُوا فِي الأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ { (الجمعة: 10)
أي: إذا فرغتم من الصلاة فانتشروا في الأرض للتجارة والتصرف في حوائجكم ) وابتغوا من فضل الله) أي من رزقه ، وكان عرّاك بن مالك إذا صلى الجمعة انصرف فوقف على باب المسجد فقال : اللهم إني أجبت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين.(
[9])
ج – ويقول تعالى : } هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ { (الملك: 15)
فقد ذلل الله تعالى الأرض وسخرها للإنسان ، فالقرآن يذَكّر الناس بهذه النعمة الهائلة، فقد ذلل الله تعالى الأرض للعيش عليها، والتنقل بين جنباتها، فهي مذللة للسير عليها بالفلك التي تمر في البحار، وهي مذللة للزرع والجني والحصاد وقوله (فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه) فالمناكب هي المرتفعات والجوانب فإذا أذن الله بالمشي في الجبال والمرتفعات فقد أذن بالمشي في البطاح والسهول من باب أولى، والرزق المقصود في الآية ليس هو المال الذي يجده المرء في يده ليحصل على حاجياته ومتاعه، وإنما هو كل ما أودعه الله في هذه الأرض من أسباب الرزق من خيرات ظاهرة وباطنة تشمل بذلك المعادن الكامنة في أعالي الجبال والمخبوءة في جوف الأرض وقد جعل الله الوصول إليها أمراً ممكناً بسبب تذليله للأرض وتسهيله التنقل عليها، والتجول بين جنباتها.
ولقد حثت السنة النبوية الشريفة على العمل ونهت عن التواكل والتكاسل، وقد أخرج البخاري عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَأَنْ يَحْتَطِبَ أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ(
[10])
فهذا الحديث يبين أهمية العمل وشرفه، وأن الاحتطاب على ما فيه من مشقة وتعب وربح قليل خير من الكسل والقعود عن العمل وسؤال الناس(
[11]).
فالعمل هو إحدى وسائل معالجة الفقر، وبغيره يصبح الإنسان عالة على الناس والمجتمع، فالخطيب حينما يدعو الناس في خطبة الجمعة وفي مواعظه للعمل والكسب الحلال ويرغب في ذلك إنما يساهم في حل مشكلة الفقر التي تنتشر في المجتمعات الإسلامية(
[12]) 0
ومن هنا يأتي دور الرسالات الإسلامية في محاربة الفقر, والإسلام دين عملي , وبالعلم حارب الإسلام الفقر حرباً شديداً، أمر فيها بأهمية العمل و الكسب ووجه إلى أهمية تحصيل الأرزاق ليتم التكافل الاجتماعي0
ولهذا نجد أن الإسلام قد حث على العمل مطلقاً ما لم يكن حراماً أو يؤدي إلى ما حرم الله تعالى. علماً بأن العمل في الدنيا أساس عمارتها وقوام الحياة فيها, وهو ضمان للشرف وأمان من الذلة والمهانة وسبيل إلي الفلاح وحسن المصير. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اليد العليا خير من اليد السفلى".
[1] سنن ابن ماجه، كتاب الزهد ، باب التوكل واليقين ، ح4154
[2] سورة الأعراف: الآية 31
[3] النحل:14
[4] الإسراء29
[5] الأعراف 96
محمد حاج عيسى : مشكلة الفقر وعلاجها في الشريعة الإسلامية : [6]
[7] صحيح البخاري ، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، ح1931
[8] صحيح البخاري، كتاب الإجارة، باب رعي الأغنام على قراريط ، ح 2102.
[9] الجامع لأحكام القرآن: القرطبي، 18/105.
[10] صحيح البخاري، كتاب البيوع، باب كسب الرجل وعمله بيده، ح 1932.
[11] محمود عنبر: الإعجاز التشريعي في علاج مشكلة الفقر من منظور قرآني، ، رسالة ماجستير، الجامعة الإسلامية، 2000م.
[12] رسالة الإسلام في الحد من الفقــر والبطالـة الشيخ الدكتور عمر عبد الكافي
بحث مقدم للمؤتمر الدولي الذي تقييمه وزارة الأوقاف في الجمهورية العربية السورية بالتعاون مع السفارة البريطانية بعنوان "رسالة السلام في الإسلام"، وذلك في قصر المؤتمرات بدمشق خلال الفترة من 8 – 9 جمادى الثاني 1430هـ - الموافق لـ1 – 2 /6/2009م.

ليست هناك تعليقات: